مواقف “ضبابية” وحذر شديد.. كل ما نعرفه عن خطط إدارة ترامب في سوريا ما بعد الأسد - بلد نيوز

عربى بوست 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اتخذت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مواقف عدة متباينة في سوريا منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي وتولي فصائل المعارضة زمام الحكم في البلاد بقيادة أحمد الشرع، القائد السابق لهيئة تحرير الشام والرئيس الانتقالي الحالي للبلاد.

وشملت المواقف والخطط الأمريكية تجاه سوريا التوسط في اتفاق بين القيادة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، وسحب عدد من القوات من القواعد العسكرية في البلاد، فضلاً عن وضع شروط صارمة أمام الحكومة الجديدة مقابل تخفيف لبعض العقوبات المفروضة على دمشق.

وأشارت تقارير لوسائل إعلام أمريكية إلى أنه وفي ظل المخاوف من عودة ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وعودة النفوذ الإيراني والروسي، لا تزال إدارة ترامب تحافظ على مسافة بينها وبين القيادة السورية.

تغريدة تساوي المليارات.. هل قدم ترامب هدية لأصدقائه أم رضخ لغضبهم؟
الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في البيت الأبيض – shutterstock

وقال تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست إن إدارة ترامب، التي لا تزال تفرض عقوبات على دمشق منذ عهد الأسد، تتخذ موقفاً محايداً من البلاد. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية "إننا نواصل التعامل مع سوريا بحذر شديد" حتى يثبت الشرع أنه تخلص من المتشددين الإسلاميين الأجانب وبقايا تنظيم القاعدة ويثبت أنه قادر على توحيد الأقليات المختلفة في سوريا.

في هذا التقرير نستعرض أبرز المواقف والخطط التي تبنتها الإدارة الأمريكية تجاه سوريا منذ بدء ولاية ترامب الثانية في 20 يناير/كانون الثاني الماضي.


أولاً: التوسط في اتفاق قسد والحكومة السورية

في مارس/آذار الماضي، أعلنت الحكومة السورية وقوات قسد التي تسيطر على مساحات واسعة في شمال شرق سوريا عن توصل الطرفين إلى اتفاق يهدف إلى تعزيز وحدة البلاد ودمج مؤسساتها المدنية والعسكرية.

ونقلت تقارير عن ضباط أمريكيين أن الجيش الأمريكي لعب دوراً دبلوماسياً مهماً خلف الكواليس في سوريا، وساعد في التوسط في الاتفاق الذي تم بين الحكومة السورية والقوات الكردية.

وقال مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى: "كان هناك الكثير من النقاش، وكنا بمثابة وسيط لمساعدتهم على إجراء هذا النقاش. تبادلنا الآراء حتى توصلنا أخيراً إلى اتفاق يرضي الجميع، وكررنا ذلك عدة مرات، وأوصلناهم أخيراً إلى هذه النقطة".

وشمل الاتفاق بنوداً عدة أبرزها:

  • وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم أو الانفصال.
  • دمج قوات قسد ضمن المؤسسات العسكرية السورية تحت إشراف وزارة الدفاع، لضمان تكاملها في المنظومة الدفاعية.
  • إدماج المؤسسات المدنية للإدارة الذاتية ضمن هيكل الدولة السورية مع الحفاظ على بعض الخصوصيات لمناطق شمال وشرق سوريا وفقاً للقانون السوري.

وقال تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن الضباط الأمريكيين شجعوا فصيلاً آخر يعمل مع الولايات المتحدة في جنوب شرق سوريا بالقرب من قاعدتها العسكرية في التنف، وهو الجيش السوري الحر، على تحقيق السلام مع الحكومة السورية الجديدة.

وأضاف التقرير نقلاً عن الضباط الأمريكيين أن جهود الوساطة الأمريكية كانت تهدف إلى تحقيق الاستقرار في البلاد ومنع عودة الصراع الأهلي الذي قد يُعقّد جهود كبح جماح تنظيم داعش، الذي ينشط بشكل رئيسي في المناطق الصحراوية قليلة السكان في سوريا. كما تهدف إلى منح الولايات المتحدة دوراً فاعلاً في رسم مستقبل سوريا.

ولاقى الاتفاق آنذاك ترحيباً من وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الذي قال إن الولايات المتحدة "تؤكد دعمها للانتقال السياسي الذي يثبت أن الحكم الموثوق وغير الطائفي هو أفضل طريق لتجنب المزيد من الصراع".

قوات سوريا الديمقراطية قسد
قوات سوريا الديمقراطية قسد تحاول استعادة قرى من القبائل العربية في دير الزور/ رويترز

ثانياً: سحب القوات العسكرية الأمريكية من سوريا

بدأ الجيش الأمريكي في سحب مئات من قواته من شمال شرق سوريا، ويستعد لإغلاق 3 من قواعده التشغيلية الصغيرة الثماني في شمال شرق البلاد، مما سيخفض عدد قواته من ألفين إلى حوالي 1400 جندي، وفق ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين، الخميس 17 أبريل/نيسان 2025.
وأفاد المسؤولون أن القواعد الثلاث هي:

  • القرية الخضراء
  • الفرات
  •  بالإضافة إلى قاعدة ثالثة أصغر بكثير

وقال المسؤولون إنه بعد 60 يوماً، سيُقيّم القادة الأمريكيون إمكانية إجراء تخفيضات إضافية. وأوصى القادة بإبقاء 500 جندي أمريكي على الأقل في سوريا.

ومع ذلك، أعرب الرئيس ترامب عن شكوكه العميقة بشأن إبقاء أي قوات أمريكية في البلاد. وقال المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة الشؤون العملياتية، إن التخفيضات التي بدأت يوم الخميس، حتى الآن على الأقل، تستند إلى توصيات القادة الميدانيين بإغلاق القواعد ودمجها، وقد وافقت عليها وزارة الدفاع (البنتاغون) وقيادتها المركزية.

ومع أن تنظيم داعش لا يزال يُشكل خطراً داهماً في سوريا، وخاصةً في الشمال الشرقي حيث تتمركز القوات الأمريكية، إلا أن نيويورك تايمز أشارت إلى أن سقوط نظام الأسد قلص بشكل كبير، على الأقل في الوقت الحالي، مجموعةً من التهديدات الأخرى، بما في ذلك الميليشيات المدعومة من إيران والقوات الروسية التي تدعم الحكومة السورية.

وحدثت نقطة تحول رئيسية أخرى الشهر الماضي بعدما توصلت قوات قسد إلى اتفاق مع الحكومة السورية، وهو ما كان بمثابة اختراق لدمشق في جهودها لتوحيد بلد لا يزال يعاني من اضطرابات عنيفة، حسبما وصفت الصحيفة الأمريكية.

وقال المسؤولون الأمريكيون إن القوات الأمريكية، التي تشمل جنوداً تقليديين وقوات خاصة، ستواصل، بأعدادها المخفضة، تقديم المساعدة في مكافحة الإرهاب لقوات قسد والمساعدة في إدارة العديد من معسكرات الاحتجاز.

وأعلنت الولايات المتحدة في أواخر العام الماضي أن جيشها ضاعف عدد قواته على الأرض في سوريا إلى نحو 2000 جندي، للمساعدة في التعامل مع التهديد المتزايد من تنظيم داعش والميليشيات المدعومة من إيران التي هاجمت القواعد الأمريكية.

أمريكا في سوريا
ترامب أراد في ولايته الأولى سحب القوات الأمريكية من سوريا/ رويترز

وتأمل الولايات المتحدة أن تصبح الحكومة السورية الجديدة شريكاً في مواجهة داعش. وكانت المؤشرات الأولية إيجابية، إذ قادت الحكومة، بناءً على معلومات استخباراتية أمريكية، جهوداً لإفشال ثماني عمليات لداعش في دمشق، وفقاً لمسؤولين أمريكيين.

لكن بعض المحللين يقولون إن تخفيضات أعمق في القوات الأمريكية ربما تكون في الطريق، مما يهدد استقرار هذه العملية الانتقالية.

ومن المتوقع أن تجري إدارة ترامب مراجعة واسعة النطاق لسياساتها تجاه سوريا، ويقول بعض المسؤولين إن القوات الأمريكية قد يتم تقليصها إلى أقل من النصف أو سحبها بالكامل، كما ذكرت شبكة إن بي سي نيوز، من بين وسائل إعلام أخرى، في وقت سابق.

وقال مسؤولون ومحللون مستقلون إن العديد من المناصب المهمة المتعلقة بسياسة الشرق الأوسط لا تزال شاغرة في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، وكذلك في وزارة الخارجية والبنتاغون، الأمر الذي يبطئ أي مراجعة شاملة للسياسة تجاه سوريا.

ثالثاً: وضع شروط صارمة مقابل تخفيف العقوبات

وبالتوازي مع سحب عدد من القوات الأمريكية من سوريا، كشف مسؤولون أمريكيون أن إدارة ترامب تهدد باتخاذ موقف متشدد مع الحكومة السورية الجديدة، مطالبة إياها بتنفيذ عدة مطالب مقابل تخفيف محدود للعقوبات.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أمريكيين أن البيت الأبيض أصدر توجيهات سياسية في الأسابيع الأخيرة تدعو الحكومة السورية إلى اتخاذ خطوات تشمل:

  • التعاون مع المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية لحماية الأسلحة الكيميائية المتبقية في البلاد، وتأمين اليورانيوم عالي التخصيب.
  • تعيين مسؤول اتصال للعمل على تحديد مكان 14 أمريكياً مفقوداً في سوريا.
  • اتخاذ إجراءات صارمة ضد من وصفتهم بالمتطرفين.
  • منع الجماعات الفلسطينية المسلحة من العمل في البلاد، بما في ذلك جمع الأموال هناك، وطرد أعضاء تلك الجماعات من البلاد. وتتخذ الجماعات الفلسطينية من سوريا، التي تستضيف عدداً كبيراً من اللاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948، مقراً لها منذ عقود.

وقال مسؤولون إن الولايات المتحدة ستنظر في المقابل في تجديد إعفاء محدود للعقوبات أصدرته إدارة بايدن بهدف تسريع تدفق المساعدات إلى البلاد. وكانت وزارة الخزانة قد منحت في يناير/كانون الثاني إعفاءات لمنظمات إغاثة وشركات تُقدم إمدادات أساسية، بما في ذلك الكهرباء والنفط والغاز الطبيعي.

وتعكس هذه التوجيهات الشكوك بين مسؤولي الإدارة في الحكومة السورية الجديدة، حسبما أشارت وول ستريت جورنال. ولوحظ أيضاً عدم وجود أي مطالبة تتعلق بروسيا، مما يدل على أن إدارة ترامب خففت من الضغط الذي مارسته في عهد الرئيس السابق بايدن لحث دمشق على التخلص من القواعد العسكرية للكرملين في سوريا، على الأقل في الوقت الحالي، بينما يتفاوض المسؤولون الأمريكيون مع موسكو بشأن إنهاء الصراع في أوكرانيا.

وبينما أرسلت إدارة بايدن مسؤولين كباراً للقاء الشرع في ديسمبر/كانون الأول، تبدو إدارة ترامب غير راغبة في المضي قدماً دون خطوات إضافية من القيادة السورية الجديدة.

غرفة عمليات الجنوب سوريا
فصائل المعارضة تتقدم نحو العاصمة السورية دمشق من الشمال والجنوب/ رويترز

ولم يتضح بعد موقف ترامب بشأن بقية عناصر السياسة الأمريكية تجاه سوريا.
وقال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، وهو شخصية نافذة في الإدارة الأمريكية، الشهر الماضي إن الشرع "شخص مختلف عما كان عليه سابقاً. والناس يتغيرون". 

ويشعر قادة الحزب الجمهوري الرئيسيون بالقلق من تراجع النفوذ الأمريكي في سوريا بطريقة قد تتيح فرصة لروسيا والصين.

وقال مسؤولون إنه إذا اتخذت سوريا كل الخطوات الموضحة في السياسة، فإن الولايات المتحدة ستلتزم علناً بسلامة أراضي سوريا وستنظر في تجديد العلاقات الدبلوماسية وإزالة التصنيفات الإرهابية عن أعضاء الحكومة الجديدة.

ولكن العرض لا يرقى إلى مستوى رفع العقوبات الذي دعا إليه بعض المسؤولين الأوروبيين والقوى الإقليمية مثل تركيا ومحللي الأمن الذين يشعرون بالقلق من أن سوريا قد تنزلق مرة أخرى إلى العنف أو تنجرف مرة أخرى تحت تأثير روسيا وغيرها من المعارضين التقليديين للولايات المتحدة.

وقال بنيامين فيف، كبير محللي الأبحاث في شركة كرم شعار الاستشارية التي تعمل على الاقتصاد السوري: "هذا من شأنه أن يجعل الوضع معقداً للغاية، وفي واقع الأمر لن يؤدي إلا إلى دفع سوريا والسلطات الجديدة إلى أيدي الروس أو حتى الصينيين".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق