“تسونامي” يضرب إسرائيل.. توسّع دائرة الموقعين على طلب وقف حرب غزة، وهذا تأثيره على حكومة نتنياهو - بلد نيوز

عربى بوست 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حالة غير مسبوقة يعيشها جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة أخرى في الدولة بسبب العرائض والرسائل التي يوقّعها المئات والآلاف من الإسرائيليين من مختلف المجالات والقطاعات والتخصصات، ويتم تعميمها على الرأي العام، وجميعها له هدف واحد، "وقف الحرب، الآن، وليس لاحقاً".

وتسببت هذه العرائض والرسائل بزيادة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو، ودفعته للردّ بصورة "هستيرية" ضد الموقعين على هذه العرائض، وتوجيه اتهامات قاسية لهم، ووصل به الأمر لدعوة قيادة الجيش إصدار أوامر فصل ضد كل من يشارك في هذه الحملة.

من خلال هذا التقرير يرصد موقع "عربي بوست" بالأرقام كيف أصابت "عدوى العرائض" المطالبة بوقف الحرب على غزة مختلف أذرع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأبرز الأسماء الموقعة على تلك العرائض، إضافة إلى ردود الفعل الغاضبة من الحكومة الإسرائيلية على هذه العرائض والرسائل.

"عدوى العرائض" تصيب كل أذرع جيش الاحتلال الإسرائيلي

منذ أسبوع تشهد إسرائيل كرة ثلج تكبر يوماً بعد يوم، عنوانها استعادة المختطفين ووقف الحرب على غزة، بدأت بعريضة كبيرة لألف طيار في جيش الاحتياط، وسرعان ما لحقت بهم العديد من الوحدات القتالية والأمنية، مرّاً بالنقابيين والمحامين ورجال القانون والأكاديميين، وصولاً لعائلات الجنود القتلى.

قاسم مشترك بين جميع العرائض والرسائل الصادرة عن وحدات جيش الاحتلال الإسرائيلي تمثل بعبارة واحدة، وهي "دعوة لإنقاذ الأرواح"، وإعادة المختطفين لديارهم دون تأخير، ولو كلّفنا ذلك وقفاً فوريّاً للحرب في غزة، لأن استمرارها يخدم المصالح السياسية والشخصية، وليس الأمنية.

"عربي بوست" أجرى مسحاً دقيقاً لمن شملتهم العرائض، وخلص إلى أن عدد المشاركين فيها، والموقعين عليها زاد على المائة ألف إسرائيلي، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الاحتجاجات الإسرائيلية على الحروب السابقة، مما يشير أننا أمام تحول نوعي في الرفض المتنامي لاستمرار حرب غزة.

المطالبون بوقف الحرب بالأرقام

بلغة الأرقام، توزعت المائة ألف توقيع على مستويين في المجتمع الإسرائيلي، أولاهما المدني، وشمل:

  • 63 ألف إسرائيلي وإسرائيلية، و1200 من عائلات الجنود القتلى في غزة.
  • 14 ألف من الأمهات الثكلى، و1500 عائلة جنود مشاركين في الحرب.
  • 3500 من الأكاديميين وموظفي الجامعات، و3200 مدرسين في التعليم الأساسي، و364 محامياً.
مجندات من فرقة الكركال في جيش الاحتلال الإسرائيلي/ رويترز
مجندات من فرقة الكركال في جيش الاحتلال الإسرائيلي/ رويترز

وجاءت تواقيع الشق الأمني والعسكري كالتالي:

  • 2000 من عائلات طلاب المدارس العسكرية، ومثلهم من جنود المظليين والمشاة.
  • 400 ضباط سابقين في جهازي الموساد والشاباك، و101 من كبار موظفي مجلس الأمن القومي.
  • 1020 من الطيارين وأفراد طواقم سلاح الجو، و8500 توقيع لداعميهم.
  • 1700 سلاح المدرعات، و200 من أفراد الجهاز الطبي في الجيش.
  • 750 وحدات خاصة ووحدة الناطق العسكري، و102 من جهاز المراقبة والرصد.
  • 200 من أفراد وحدات السايبر الهجومية، و300 من جيش الاحتياط والوحدات القتالية.
  • 220 من "حملة جنود من أجل المختطفين"، و500 من قباطنة سلاح البحرية.
  • 200 من خريجي من وحدات "تلبيوت" لتأهيل الجنود، و300 من جنود وضباط غولاني.
  • 612 من سلاح المدفعية، و1000 من موظفي وحدة 8200 الاستخبارية.
  • 230 من وحدة شييطت للنخبة التابعة لرئاسة الأركان، و230 وحدة موران.

ليس ذلك فحسب، فقد رصد "عربي بوست" أبرز الأسماء الموقعة على العرائض، وعلى رأسهم:

  • قائد الجيش إيهود باراك ودان حالوتس.
  • قادة سلاح البحرية: عامي أيالون، يديديا ياري، أليكس تال، دودو بن بستات.
  • قادة الأسطول الثالث عشر: ران غلينكا، عوزي ليفنات، نيفو إيريز، إيلان باز.
  • قادة الموساد داني ياتوم وإفرايم هاليفي وتامير باردو.
  • قائدا سلاح المدفعية: أبراهام بار دافيد، دورون كادميئيل.
  • قائدا المنطقة الوسطى: عمرام متسناع وآفي مزراحي.
  • قادة جهاز الاستخبارات العسكرية عاموس مالكا، وسلاح المدرعات أمنون رشيف، والقوات البرية موشيه سوكنيك، واللواء 479 إيال بن رؤوفين، ومساعد رئيس الأركان مناحيم إينان. 

حدث استثنائي هزّ الدولة

شهدت إبادة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة منذ قرابة ستمائة يوم حملات احتجاجية ومظاهرات أسبوعية واعتصامات كبيرة في إسرائيل، لكن عرائض اليوم تشكل حدثاً استثنائياً، حاز على كل هذا الاهتمام الإسرائيلي، مما قد يفسّر حجم ردود الفعل المؤيدة والرافضة لها، كمّاً ونوعاً.

وترجح التقارير أن تؤثر هذه العرائض على تحريض باقي أذرع جيش الاحتلال الإسرائيلي لإصدار عرائض جديدة تطالب بوقف الحرب على غزة، وقد توالى صدورها بالفعل بالتزامن مع كتابة هذه السطور، مما يجعل التقدير بأنها قد تنجح في كبح جماح استمرار هذه الحرب وجاهة ومصداقية.

استنفرت العرائض صفوف المعارضة التي سارعت لتأييدها، واتهمت الحكومة باستهداف من أسمتهم "رأس حربة" الجيش الإسرائيلي المتمثل في سلاح الجو، مع أن ذات الطيارين أصدروا عرائض مشابهة ضد الانقلاب القانوني في الشهور التي سبقت الحرب على قطاع غزة.

ضباط في سلاح الجو في وقت سابق عدم انخراطهم في مهام عسكرية خدمة لحكومة اليمين، مما تسبب بتخوّف عسكري أن تصبح الدولة مكشوفة أمام أعدائها في حال "تعطّل" سلاح الطيران التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

زعيم المعارضة يائير لابيد أكد أن "موقف نتنياهو من العرائض خطير وغير أخلاقي، وعلى الجميع الانضمام إليها".

أما رئيس حزب "الديمقراطيين" الجنرال يائير غولان، فأكد أن "الحكومة تُقوّض جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتُهدد أمن الدولة، وتقودها لدمار أخلاقي ومدني وأمني، نتنياهو يرفض النضال من أجل المخطوفين، ويرفض تحمّل المسؤولية، حتى بعد أكبر كارثة في تاريخنا".

وأكد العقيد رامي ماتان نائب قائد لواء "يفتاح" السابق، أن "دفعنا ثمناً باهظاً في الحرب، وندعو لوقفها، فلا توجد وسيلة عسكرية لإعادة المختطفين، بل وسيلة سياسية فقط، كل يوم يمرّ خسارة أخلاقية، فلماذا نستمر في التضحية بأرواح الجنود؟".

بينما كشف الطبيب في جيش الاحتياط الإسرائيلي عوفر كوبو، أحد الموقعين، أننا "كتبنا الرسالة إدراكًا منا لضرورة بذل كل ما بوسعنا لاستعادة أهداف الحرب، وفي مقدمتها إعادة الرهائن".

زاد من خطورة هذه العرائض تزامنها مع حملة "التطهير" التي تقوم بها حكومة اليمين تجاه كل من يخالفها، فقد أقالت رئيس جهاز الشاباك، وتتحضّر لخطوة مماثلة مع المستشارة القضائية للحكومة، وعيّنت قائداً للجيش موالياً لها، فيما يشنّ وزراؤها سلسلة من الهجمات المتلاحقة على كبار قادة الجيش والأمن.

عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة/ رويترز
عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة/ رويترز

اتهامات بالتبعية للخارج وفصل من الجيش

تسبّبت العرائض بصدور ردود فعل غاضبة من الحكومة، وصلت ذروتها باختراق رئيسها بنيامين نتنياهو لكل الخطوط الحمراء حين وصف، بصورة غير مسبوقة، الموقّعين، بـ"الزمرة الفوضوية الشرّيرة الصاخبة، التي لم يعد الجمهور يُصدّق أكاذيبها الدعائية، هذه جماعة متطرفة هامشية من (الأعشاب الضارة) تحاول تحطيم المجتمع من الداخل، تديرها منظمات غير حكومية مموّلة من الخارج، للإطاحة بحكومة اليمين".

واتهم وزير الحرب يسرائيل كاتس الموقّعين بـ"محاولة غير مقبولة للنيل من شرعية الحرب في غزة، ولابد من التعامل معها، مطالباً بفرض عقوبات شديدة عليهم".

فيما أصدر قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي آيال زامير أوامره لقائد سلاح الجو تومار بار بفصل الموقّعين عليها، لكنه مع اتساع رقعتها، وانضمام المزيد من الضباط إليهم، تراجع عن خطوته الحادّة، وجلس لمحاورتهم، وهذه نقطة تحسب لصالحهم على حساب قيادة الجيش والحكومة.

لقد خشيت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي من توسّع الاحتجاجات من جانب مزيد من العسكريين، وبالتالي مراكمة الأضرار في وقت تواجه أعباء خارجية متزايدة من الجبهات القتالية، وهي ليست بوارد إضافة جبهة داخلية عليها، كفيلة بأن تصب مزيداً من الزيت على النار المشتعلة أصلاً في الداخل الإسرائيلي.

ووصف الوزير عميخاي إلياهو من حزب "العصبة اليهودية" الموقّعين بـ"المضطربين عقليًا الذين ينشرون الدسائس لإثارة جدل لا داعي له"، ودعا سيمحا روتمان رئيس اللجنة الدستورية في الكنيست، لـ"طرد الموقّعين من الجيش، لأنهم يديرون حملة ضد الحكومة، لا يوجد فرق بين الطيارين الموقعين وقضاة المحكمة العليا، كلاهما يقوّض الدولة".

فيما زعم نائب الوزير ألموغ كوهين أن "هذه العرائض دعوة مفتوحة لتنفيذ نسخة جديدة من هجوم السابع من أكتوبر، لأن الموقّعين يتاجرون بدماء الجنود بكلّ إهمال، مُستغلّين رتبهم العسكرية، طلبي من رئيس الأركان فصلهم فورًا، وإلغاء رُتبهم ومعاشاتهم، وأي تساهل معهم سيؤدي لانهيار الجيش، فالعدو يشحذ سكاكينه".

أما وزير التعليم يوآف كيش، فقال إن "إقحام الجيش في الخلافات السياسية أدى لأكبر كارثة للدولة، داعيًا لفصل كل من وقّع عليها، زاعماً أن أسلوب الخطابات والتهديد عار لا يجوز قبوله، وهؤلاء الطيارون مهتمّون بالتأثير على سياسة الدولة".

فيما سارع وزير المالية بيتسلئيل سموتريتش، لـ"تهنئة" جيش الاحتلال الإسرائيلي بطرد الموقّعين، لأننا لن نقبل أي رفض أو دعوات للتمرد ضد الجيش، في الأوقات العادية أو أثناء حرب من أجل وجودنا".

حركة "جيل النصر الاحتياطي"، التي تضم آلاف جنود الاحتياط، زعمت أن "الرسالة تشجع على تحدي الدولة والجيش، متهمين الموقّعين عليها بـ"الفاشلين"، وطالبوهم بالتوقف عن إيذاء الدولة والمجتمع، بل دعوا لوقف معاشاتهم التقاعدية، للحيلولة دون تدمير الجيش، وفرض عقوبات هائلة على من يسعون لتفكيك المجتمع والجيش بشكل متكرر".

"عملاء الفوضى ومُحرقي الحظائر!"

لم يتردد أنصار اليمين في اتهام موقعي العرائض بممارسة ضغوط سياسية على الحكومة من خلال توظيف الجيش، ووصفوهم بـ"عملاء الفوضى، ومُحرِقي الحظائر، الساعين لتقويض أسس الدولة وتهديد سلامة جيش الاحتلال الإسرائيلي".

وأوضحوا أنهم بذلك أجبروا الجيش على الدخول مرة أخرى للساحة السياسية، بازدراء، مع تهديد ضمني برفض الخدمة العسكرية، مما يشكل خطراً حقيقياً على وجود الدولة، معتبرين أن العرائض تحتوي على رسائل سياسية وانهزامية ومتمردة.

وتابع "عربي بوست" العديد من المقاطع التلفزيونية التي هاجمت العرائض، بوصفها إعادة تدوير لحملة رفض الخدمة العسكرية التي أوصلت الاحتلال للسابع من أكتوبر، معتبرين الدعوة لإعادة المختطفين غطاءً لادعاءاتٍ سياسيةٍ، ودعوةٍ للحكومة للاستسلام أمام حماس، مما يعني تجاوز خط أحمر بالسماح بتسلّل الأجندات السياسية والرافضة للجيش.

كما انتقدت أوساط اليمين العرائض بزعم أنها تزرع الشك في نفوس الإسرائيليين، وتضعف روحهم المعنوية، وتبثّ رسالة ضعف، وتساعد حماس بشكل مباشر، وتمنحها الأمل، وتعزّز مواقفها، وتدعوها عملياً للبقاء في الحكم، وفي النهاية فإنها "محاولة لكسر الروح القتالية" لدى جنود الاحتلال.

وفي خطوة رمزية، سلّم عشرات الآلاف من جنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، بمن فيهم ضباط كبار، رسالة معارضة لعرائض رفض استمرار الحرب.

وجاء في الرسالة المضادة: "شعرنا بالفزع لسماع استمرار ظاهرة الرفض، الدولة تخوض حالياً حرباً رهيبة وصعبة ضد أعداء ثاروا ضدنا، وليس لأحد الحق في هذا الوقت بإضعاف الجيش، وتقويض تماسك صفوفه، إننا ندعو قادة الجيش للقضاء على ظاهرة الرفض، وإبعاد من يُشجّعونها".

تسييس الجيش ومحاباة الحريديم

تضمنت العرائض التي باتت الشغل الشاغل للإسرائيليين العديد من البنود، بجانب استعادة المختطفين ووقف الحرب، فقد اتهمت الحكومة بـ"انتهاج سلوك يُقوّض أسس الدولة، ويُزعزع ثقة الجمهور، ويُثير مخاوف جدية من أن القرارات الأمنية تُمليها اعتبارات غير مشروعة".

كما اتهم الموقعون على العرائض الحكومة بـ"الترويج لسياسة تمييزية، بمنحها ميزانيات قطاعية، وإعفاء شامل للحريديم من الخدمة العسكرية، مما يُشعِر من يخدمون في الجيش بخيانة الدولة لهم، ويجعل من عدم المساواة في العبء العسكري انتهاكاً للأساس الاجتماعي للأمن القومي، واستمراراً لتفكيك التماسك في إسرائيل".

وأجمع الموقعون على هذه العرائض أنهم أمام دعوة أخلاقية لإعادة المختطفين، وهي موجهة للقيادة السياسية التي تصف أي انتقاد لها بأنه عصيان، رغم أنهم يمثلون الإجماع الشعبي الواسع على أن إعادة المختطفين هي هدف أساسي للحرب، ويجب أن تكون على رأس الأجندة العامة، معتبرين أن استمرار الحرب في غزة، وترك المخطوفين، يشبه ترك جرحى في ساحة المعركة.

آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب رفضاً للحرب في غزة/ الأناضول
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب رفضاً للحرب في غزة/ الأناضول

العقيد أوري أراد، الأسير من حرب 1973، أكد أن "تخلي الحكومة عن ضحايا السابع من أكتوبر أمر فظيع، والتخلي عن المختطفين أسوأ بكثير، مع أنه كان يفترض إطلاق سراحهم منذ زمن، ونعتقد أنه يجب إعادتهم الآن، وإلا فإنهم سيواصلون التعفّن في أنفاق غزة".

واطلع "عربي بوست" على عشرات المنشورات والتغريدات على شبكات التواصل للعديد من الموقعين على العرائض، إذ اتهموا نتنياهو باختيار نجاته الشخصية على حساب المختطفين، حتى لو ماتوا في الأسر، وقد انتظر الموقعون عاماً ونصفاً، وهذا أكثر من كافٍ، وبالتالي فإذا لم يكن هناك ضغط شعبي هائل، فلن يحدث شيء.

واعتبر الموقعون على العرائض أن الدولة في وضع صعب، وسط انهيار كامل لأنظمتها السياسية والأمنية والقانونية، مما يجعل استمرار الحرب ليس في مصلحتها، وهو ما يتوافق عليه أكثر من 70% من الإسرائيليين.

وتؤكد العرائض أنه كان يمكن وقف الحرب قبل شهرين مع إنجاز المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، لكن ما تفعله حكومة اليمين "جريمة أخلاقية"، كما وصفتها العرائض التي بات العديد من الإسرائيليين ينضمون إليها على مدار الساعة، لأن الفجوة بين المجتمع والقيادة الحالية هائلة للغاية، في ضوء القناعة السائدة أن الحرب في هذا الوقت تخدم مصالح سياسية وشخصية بالدرجة الأولى، وليس مصالح أمنية.

انخفاض الاستجابة لاستدعاءات جيش الاحتلال الإسرائيلي

تتزامن عرائض الاحتجاجات على استمرار الحرب مع تراجع معدلات تجنيد جنود الاحتياط الذي بلغ 130% خلال شهور الحرب الطويلة، لكن الآونة الأخيرة شهدت انخفاضاً في هذا الرقم إلى 70-60%، مما يؤكد أن استمرار الحرب يُصعّب تجنيد جنود احتياط إضافيين، ويزيد من الأصوات الداعية لوقف الحرب.

فرضت هذه التواقيع على قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي سؤالاً صعباً يتردد في وحداته القتالية حول عدد جنود الاحتياط الذين سيلتحقون بها عند استدعائهم، مع أن أعدادهم تجاوزت 220 ألفاً في بداية الحرب لفترات طويلة.

ومن المتوقع أن يتم تجنيد نحو ربعهم خلال العام الجاري، في ظل انخفاض حضور جنود وضباط الاحتياط بنسبة 30% منذ استئناف العدوان في مارس، مما قد يساهم، مع ضغوط أخرى، في وقف الحرب نهائياً.

هذه الأزمة الضخمة من شأنها التسبب بهزّة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما تُواصل الحكومة تشريع تهرّب الحريديم من الخدمة العسكرية، وبالتالي يأتي النقص الحاد في عدد الجنود النظاميين على حساب الاحتياط.

هذا الوضع يجعل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعاني من نقص قدره 12 ألف جندي سنوياً، منهم 7 آلاف في وحدات قتالية، وهو ما كرره زامير في الأيام الأخيرة أمام القيادة السياسية، محذراً أنه في الوضع الحالي لن يكون ممكناً تحقيق مخططات الحكومة.

العميد تسفيكا هايموفيتش، القائد السابق لفرقة الدفاع الجوي، ذكر أن هناك العديد من الأسباب لصدور مثل هذه العرائض، بجانب استعادة المختطفين، أهمها أن استمرار الحرب بحجة "ملاحقة الحمساوي الأخير، والصاروخ الأخير، والنفق الأخير" سيؤدي لحرب أبدية.

وأضاف أن الثمن الذي يدفعه الإسرائيليون كمجتمع وجيش بات لا يطاق، مع ظهور المزيد من علامات التآكل الخطيرة، والمفاهيم العسكرية التي أصبحت مهترئة، وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي يُظهر علامات خطيرة من الإرهاق والتلف، وإن استنزافه العبثي في غزة باتت نتائجه عصيّة على إخفائها.

أخبار ذات صلة

0 تعليق