بصورة لافتة، أظهرت الإحصائيات ارتفاعاً خطيراً في جرائم القتل الجنائية التي تشهدها البلدات الفلسطينية داخل إسرائيل، بل إنها تضاعفت خلال الشهور الأولى من العام الجاري 2025 إلى ثلاثة أضعاف، وسط اتهامات موجهة إلى وزارة الأمن القومي برئاسة إيتمار بن غفير وجهاز الشرطة الذي يقوده أتباعه، بسبب غضّ طرفها عن عصابات الجريمة المنظمة التي تجوب البلدات الفلسطينية على مدار الساعة دون أن تعترضها الشرطة أو تعتقلها.
بل إن هناك اتهامات للشرطة بالتعاون مع المافيا النشطة في هذه البلدات، وهو ما كشفه قادة فلسطينيي 48 علانيةً وبدون مواربة، رغم أنها تضع يدها فور أن تصلها معلومات أمنية عن أي نية لتنفيذ عملية فدائية للمقاومة من ذات البلدات، مما يؤكد أن تفشي الجريمة بينهم "موجَّه ومقصود" وليس "إخفاقاً أمنياً" من قبل أجهزة أمن الاحتلال، لا سيما في عهد بن غفير وزمرته.
لغة الأرقام الدموية
بدأت جذور الجريمة المنظمة بالظهور بين فلسطينيي 48، الذين يشكلون 21% من سكان إسرائيل مع بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في ظل الإهمال الذي يواجهونه من قبل أجهزة دولة الاحتلال، حيث تفشّت هذه المظاهر الجنائية، ووصلت إلى مستوى أن تكون "جريمة منظمة"، حتى بلغ معدّل الفلسطينيين المنخرطين في هذه الجرائم 8 مواطنين لكل 1000 نسمة، وارتفع عدد الضحايا إلى 15 وفاة لكل 100 ألف فلسطيني، وهو أحد أعلى المعدلات في العالم.
سجلت معدلات جرائم القتل بين فلسطينيي 48 تصاعدا مخيفاً حصد أرواح مئات الضحايا، وقد أجرى "عربي بوست" إحصائية سنوية للحصاد الدامي لهذه الجرائم التي أخذت بالارتفاع الخطير منذ عام 2018، الذي شهد سقوط 74 قتيلاً، وفي 2019 سقط 94، وفي 2020 قُتل 100 ضحية، وفي 2021 سقط 115 قتيلاً، وفي 2022 وقعت 106 جريمة قتل، وفي 2023 حصلت قفزة خطيرة بسقوط 233 ضحية، مما مثّل ارتفاعاً في عدد الضحايا بنسبة تزيد عن 100 بالمائة، وفي 2024 وصل عدد الضحايا إلى 230، ومع قرب نهاية الثلث الأول من العام الجاري 2025، فقد زاد عدد الضحايا عن سبعين قتيلاً.

تُشكّل هذه الإحصائيات الدامية شاهداً لا يقبل التأويل على فقدان السيطرة في شوارع البلدات الفلسطينية، وسط تساؤلات مشروعة عن غياب شرطة الاحتلال، لأن نتيجتها تعني سفك مزيد من دماء الأبرياء بصورة لا نهاية لها، وأننا أمام أعوام دموية تُحطّم المزيد من الأرقام القياسية القاتمة في جرائم القتل.
مع العلم أن من الأساليب المستخدمة في عمليات القتل، إطلاق صواريخ "لاو" بغرض التصفية، والبنادق الآلية، والأجهزة المتفجرة، والقنابل العنقودية، والعبوات الناسفة، وتنفيذ عمليات الخطف والقتل مع نشر إعلانات عنها حتى قبل العثور على الجثث؛ قطع الرأس، وتقطيع الجثث، ونثر أجزائها في أماكن مختلفة… كل ذلك يحصل، وأجهزة الأمن الإسرائيلية التي تُحصي على الفلسطينيين أنفاسهم، تفشل في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم… صدّق أو لا تُصدّق!
الجريمة المنظمة.. أسباب وعوامل
هناك العديد من العوامل الرئيسية لتفشي ظاهرة العنف والجريمة بين فلسطينيي 48، من أهمها:
- نقص البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، ومعاناتهم من مستوى غير كافٍ من خدمات الأمن الداخلي كالشرطة، بجانب المرافق المعطّلة، والمناطق العامة المهملة وغير المُضاءة.
- تزايد ظواهر الفقر والبطالة التي تؤدي إلى انتشار الجريمة والعنف، بسبب تردّي الوضع الاقتصادي، فنصف العائلات الفلسطينية في إسرائيل تعيش تحت خط الفقر، وبلغت معدّلات البطالة بين الشباب الفلسطينيين في إسرائيل 30% – 40%.
- نقص السكن ووجود ثغرات خطيرة في تخطيط البناء في البلدات الفلسطينية، وفيما أقرّت الجهات الحكومية 20% من الوحدات السكنية المخطط تسويقها، فقد أقرّت في المقابل 70% في البلدات اليهودية. وبالتالي، فإن عدم وجود تسجيل رسمي في قطاع العقارات يُصعّب البناء القانوني، ويضع صعوبات أمام الحصول على قرض عقاري، مما يدفع البعض إلى اللجوء للجريمة لتحصيل الأموال اللازمة.
- عدم كفاية إنفاذ القوانين المحلية والبلدية، مما زاد من معايير عدم الامتثال للقانون، وشكّل أرضاً خصبة لهذه الجرائم، لأن معدّل حلّ جرائم القتل عبر القضاء والشرطة لا يتجاوز 15%.
- انعدام الثقة بشرطة الاحتلال، التي لا تنشئ مقرات لها في كامل البلدات الفلسطينية، بعكس ما هو سائد في المدن الإسرائيلية، رغم أن افتتاح مراكز شرطة يُقلّل بالضرورة من الجريمة.
- إهمال الجهات القضائية الاسرائيلية في إجراء التحقيقات الجنائية لجرائم القتل، وعدم المسارعة في جمع الأدلة، والتراخي في فكّ رموزها، مما يؤدي في الكثير من الأحيان لتبرئة العديد من المجرمين المدانين، بل وإبرام الصفقات لإخلاء سبيلهم، والعودة من جديد لذات الجرائم.
الخلاصة في هذه الأسباب والعوامل، أن غياب ثقة فلسطينيي 48 في الشرطة والنظام القانوني ومؤسسات الدولة الإسرائيلية، دفعهم لأن يبادروا لأخذ القانون بأيديهم، وتسليح أنفسهم، لأن الجهات القضائية تقدم لوائح اتهام ضد 30% فقط من المتورطين في الجرائم، ونصفهم يتم إدانتهم!
التمييز العنصري بين الفلسطينيين واليهود
بالتزامن مع نشوء ظاهرة المنظمات الإجرامية بين فلسطينيي 48، استطاعت شرطة الاحتلال إضعاف نظيرتها بين اليهود، وكانت إحدى نتائج هذا النشاط انتقال النشاط الإجرامي الواسع النطاق للبلدات الفلسطينية، حيث تواجد الشرطة وفعالية إنفاذ القانون أقلّ منها في المدن الاسرائيلية، بل إن السنوات الأخيرة شهدت اكتساب عصابات "المافيا" في البلدات الفلسطينية مزيدا من القوة والثروة نتيجة أنشطتها الإجرامية العنيفة، مع مزيد من حيازتها للأسلحة، واستخدامها المتكرر، الذي بات يؤثر فعلياً على انعدام الأمن الشخصي للفلسطينيين، بسبب تعرّضهم للخطر المحدق، لأن امتلاك الأسلحة النارية بين الأشخاص العاديين، خلق دورة من النمو المستمر في التسلح، وعدد حوادث إطلاق النار.
كما يبدو التناسب العكسي لافتا، ويحمل دلالات عنصرية لا تخفى على أحد، فقد تضاعفت معدلات جرائم القتل بين فلسطينيي 48 منذ عام 2015، بالتوازي مع انخفاضها بين اليهود، وفيما شهد عام 2021 وقوع 80% من جرائم القتل في إسرائيل بين فلسطينيي 48، فقد شهد عام 2010 وقوع 40% فقط بينهم، فيما بلغ معدل جرائم قتل النساء بين فلسطينيي 48 أعلى بعشر مرات من المعدل العالمي، وأعلى ست مرات من معدل قتل النساء اليهوديات، وبلغ معدل جرائم القتل للفرد الواحد بين الرجال الفلسطينيين أعلى بنحو 22 مرة من معدلها بين اليهود.

وفيما أفاد 38% من فلسطينيي48 بأنهم لا يشعرون بالأمان في أماكن إقامتهم، فقد أفاد 13% فقط من اليهود بذلك، وأكد 82% من بأنهم قلقون للغاية بشأن جرائم القتل وإطلاق النار واستخدام الأسلحة في مناطق سكناهم، وفيما أكد 15% من الفلسطينيين أنهم أو أحد أفراد أسرهم أو أصدقائهم تعرضوا لإطلاق النار، فإن النسبة المقابلة بين اليهود لم تزد عن 1٪ فقط!
مع العلم أن ظواهر القتل بين فلسطينيي 48 أصبحت أكثر جرأة، لأنها مبنية على افتراض أن فرص القبض على الجناة منخفضة للغاية، وبالتالي فإن سقوط أحد عشر ضحية بينهم في أقل من أسبوع أمر محتمل بنظر الدولة، ولكن كيف لو سقط قتيل واحد فقط كل أسبوع في تل أبيب، ماذا سيحدث في الدولة حينها؟
مع العلم أن دولة الاحتلال تنتهج مع الشبان اليهود مسارًا مبرمجاً منذ الصغر، يبدأ بالخدمة العسكرية في الجيش، أو التوجه للمدارس الدينية، بينما تُهمل الشباب الفلسطيني الذين يفتقرون للمؤسسات المناسبة، مما يدفعهم للانخراط في دائرة الجريمة، وسط قناعة أن الدولة تهدف لخدمة الشبان اليهود فقط.
اعتراف اسرائيلي: المافيا اليهودية تتراجع، والعصابات بين الفلسطينيين تزدهر!
تزعم شرطة الاحتلال وجود سبع منظمات إجرامية خطيرة تعمل بين فلسطينيي 48، متورّطة في العديد من الجرائم، ويعمل تحت إمرتها آلاف الشباب، ومن أبرز جرائمها:
– غسيل الأموال، وقروض السوق الرمادية، وجمع رسوم "الإتاوة"، وتبادل العملات، توزيع الوقود،
– الاتجار بالأسلحة، عقب تهريبها من حدود لبنان وسوريا والأردن، وتلك التي يستخدمها الجيش، مثل بنادق إم16، والقنابل اليدوية وقنابل الصوت والعبوات الناسفة، عبر دفع الأموال للجنود، واقتحام معسكراته، وسرقة وحداته المتدربة، وانتحال شخصية الجنود، وتأكيد الجيش أن 70% من أسلحة عصابات فلسطينيي 48 مسروقة من قواعده، دون إلقاء القبض على من يسطون عليها،
– القدرة على التسلل للمؤسسات الحكومية، والاستحواذ على عطاءات البناء،
– الابتزاز من خلال التهديدات، والاستيلاء على الأراضي، وإقامة علاقات مع العصابات اليهودية.
أكثر من ذلك، فقد توفرت العديد من مؤشرات تراخي قبضة شرطة الاحتلال على ظاهرة الجريمة المنظمة بين فلسطينيي 48، أخطرها أن العديد من جرائم القتل يكون فيها وجه القاتل واضحًا، وتُرتكب علانية في الأماكن العامة، والشوارع، والمتاجر، أو حتى في حفلات الزفاف، وبيوت العزاء، مما يؤكد انخفاض مستوى الردع من قبل الاحتلال، وأجهزته الشرطية والأمنية، حتى أن هذه الجرائم لم تعد تقتصر على الفلسطينيين العاديين، بل باتت تستهدف المسؤولين المحليين ورؤساء البلديات والصحفيين الذين يدفعون ثمناً باهظاً من حياتهم بسبب محاربتهم ظاهرة الجريمة.
لقد تمثلت النتيجة المأساوية لهذه المؤشرات عن اتساع رقعة الخوف بين فلسطينيي 48، مما دفع قطاعات عريضة منهم لزيادة الطلب على الأسلحة للدفاع عن أنفسهم في ظل تقاعس الشرطة عن حمايتهم، وعدم رضاهم عن تعاملها مع ظاهرة جرائم القتل، خاصة وأن المجرمين يعرفون أنه لن يتم القبض عليهم، وبالتالي يتصرفون بحرية.
بن غفير يشجّع جرائم القتل، وينشغل بالتحريض على الفلسطينيين
سجلت معدلات جرائم القتل بين فلسطينيي 48 ارتفاعا مضطردا غير مسبوق منذ تشكيل الحكومة اليمينية الحالية أواخر عام 2022، حتى أن مُعدّلها في النصف الأول من عام 2024 بلغ أكثر من 100 مماثل لنفس الفترة من عام 2023، ويعكس أكثر من ضعف ما كان عليه في عام 2022، وقد استهل إيتمار بن غفير مسيرته في وزارة الأمن القومي بسلسلة من الخطوات التي أسفرت في النهاية عن تصاعد غير مسبوق في معدلات هذه الجرائم، من أخطرها:
– وقف نشاطات قوة الشرطة للمهام الخاصة للتعامل مع الجريمة بين فلسطينيي 48،
– الامتناع عن تحويل الميزانيات المخصصة لمكافحة الجريمة،
– تعليق التعاون بين مختلف الدوائر والهيئات الحكومية، والمناقشات حول الوقاية من الجريمة مع كبار قادة فلسطينيي 48،
– التوسّع في منح تراخيص حمل السلاح على جميع الإسرائيليين، دون الأخذ بعين الاعتبار ماضيهم الجنائي، وبينما كانت الشرطة تُصدر في المتوسط 8000 ترخيص سلاح سنويًا قبل تولي ابن غفير، فإن عهده أصدر أكثر من 200 ألف ترخيص حتى كتابة هذه السطور، ووجدت هذه الأسلحة طريقها لعصابات الجريمة بين فلسطينيي 48، وبلغ عددها نصف مليون قطعة بين يدي مليوني فلسطيني، يعني كل أربعة مواطنين معه سلاح!!
– إصدار قرارات تعسفية بإخراج لجان فلسطينية محلية تحارب الجريمة عن القانون،
– منذ اندلاع العدوان الدموي على غزة، أصدر بن غفير تعليماته للشرطة والجهات القانونية بتهميش متابعة ظواهر الجريمة بين فلسطينيي 48 لصالح حفظ أمن اليهود من عمليات المقاومة، مما عمل على تغييب هذه الظاهرة الخطيرة عن أولويات الحكومة وأجهزة إنفاذ القانون.
– إجراء تخفيضات كبيرة في الأموال المخصصة للخطط الخمسية المخصصة لمنع الجريمة والعنف بين فلسطينيي 48،
– إلغاء خطة الطوارئ الوطنية متعددة السنوات "المسار الآمن" للقضاء على العنف والجريمة بين فلسطينيي 48،
– إلغاء قرار الحكومة السابقة بجعل قضية مكافحة الجريمة بين فلسطينيي 48 "تحدّياً وطنياً"، والتوقف عن توجيه كل الموارد والجهود اللازمة لمعالجتها،
– وجود نوايا لإغلاق مراكز معلومات الطوارئ المنتشرة في البلدات الفلسطينية، مما يشير للاتجاه العام من جانب الوزارات الحكومية،
– رفض أجهزة إنفاذ القانون ورؤساء السلطات المحلية التعامل مع وزارة الأمن القومي، لعدم ثقتهم بالوزير الذي يترأسها، نظراً لمواقفه العدائية والعلنية تجاه فلسطينيي 48.
لقد تسببت هذه الخطوات المقصودة بصدور دعوات فلسطينية وإسرائيلية لإقالة بن غفير فورًا من منصبه بسبب ارتفاع معدلات الجريمة في عهده، ليس بسبب افتقاره للمهارات، أو القدرة، أو الرغبة في معالجتها، بل بسبب انشغاله بالتحريض على فلسطينيي48، حتى أنه في جولاته المعدودة على بعض البلدات الفلسطينية يرفض الاجتماع بقادتها المحليين لبحث مكافحة الجريمة، بزعم أنهم يدعمون المقاومة المسلحة، ويدعون لتدمير الدولة"، وهي اتهامات يصدرها كجزء من خطته لنزع الشرعية السياسية عنهم.
مع العلم أنه منذ تولي ابن غفير الوزارة أواخر 2022 وحتى اليوم، قُتل 552 فلسطينياً، بمعدل يزيد قليلاً عن 20 ضحية شهرياً، وتركزت في مناطق الجليل والمثلث والنقب والناصرة واللد والرملة وحيفا ورهط، وبدلاً من معالجة هذه الجريمة المتفشّية، اكتفى بالتحريض ضد فلسطينيي 48، والتباهي بهدم منازلهم في النقب.

التحريض السياسي والأمني على فلسطينيي 48 بدل إنقاذهم من الجريمة
تكشف يوميات الجرائم الدامية بين فلسطينيي 48 أن فترة الحكومة اليمينية الاسرائيلية الحالية لم تساهم بمعالجة الجريمة بينهم، على العكس من ذلك، فقد زادت من مخاوفهم من أن هذا العام 2025 سيكسر معدلات قياسية غير مسبوقة من جرائم القتل، في ظل حكومة يمينية، ووزير فاشي، لم يضع محاربة الجريمة بين فلسطينيي 48 في صدارة اهتماماته، إن لم يكن يشجّعها.
مع العلم أن إهمال الدولة لفلسطينيي 48، والتحريض ضدهم، امتد لمختلف أركانها وقادتها، خاصة مع صعود اليمين الفاشي، وبروز مخططات تهجيرهم كمكون أساسي في برامجه الحزبية، وتضمنت الدعوة لإنشاء "هيئة وطنية لتشجيع الهجرة لإزالة أعداء إسرائيل"، ومن هذه التهديدات العنصرية:
– هدّد "يانون ماغال" عضو الكنيست السابق عن حزب البيت اليهودي، فلسطينيو48 بأنه "إذا رفعتم رؤوسكم، فستكون نكبة أخرى هنا"،
– "إيتمار فليشمان"، مستشار رئيس الوزراء "نفتالي بينيت"، زعم أن فلسطينيي 48 "نسوا النكبة، وحان الوقت لتذكيرهم بها، وإلا فإن محطتهم التالية ستكون عبر الأردن أو مخيم اليرموك في سوريا"،
– تساءلت صحيفة "بخيا" التابعة للمتدينين "لا أفهم لماذا لا ترسل الحكومة فلسطينيي 48 لأي دولة عربية أخرى مع القتلة والبدائيين والجزارين بالفؤوس"،
– وزير الحرب المُقال "يوآف غالانت" " target="_blank">هدّد فلسطينيو48 أن "الدولة قد تتخلى عنهم، وسيكون الثمن باهظًا، قاصدا بذلك طردهم خارجها"،
– زعم ابن غفير بأن "فلسطينيي48 قد يذهبوا للسعودية أو العراق أو إيران، ولكن ليس هنا"،
– أعلن "شلومو كيرعي" وزير الاتصالات أنه "من أراد النكبة، ربما يحتاج للتذكير بما تعنيه"،
– حذر وزير الحرب "يسرائيل كاتس" فلسطينيو48 بدون تردّد "تذكروا عام 1948.. تذكروا عام 1967، حرب استقلالنا ونكبتكم… سنعلّمكم درسًا لن تنسوه".
غض الطرف عن الجريمة لتشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين
دفع تصاعد جرائم القتل بشكل مطّرد منذ بداية تسلم هذه الحكومة اليمينية لمهامها أواخر 2022، بفلسطينيي 48 للشعور بانعدام الأمن الشخصي والجسدي، وانخفاض مستوى ثقتهم بالدولة ومؤسساتها، وإحباطهم من لامبالاتها تجاه مصيرهم، وعدم تحركها للقضاء على الجريمة، وتقليل عدد الضحايا، واعتبارها سياسة متعمدة، يُمليها وزراء اليمين المتطرف، حتى أن قائد شرطة الاحتلال داني ليفي أعلن في تصريح عنصري، مستهترا بدماء الفلسطينيين أن سياسته في مكافحة الجريمة لا تقوم على "إحصاء الجثث"!
مع العلم أن فلسطينيي 48 يستيقظون كل يوم على عناوين جديدة تتحدث عن جريمة قتل أخرى، مما يكشف أنهم يعيشون في خضم وباء الجريمة، حيث يحدث في بلداتهم ما معدله جريمة قتل كل 1.68 يومًا، وهو رقم لا يمكن تصوره، لأن هذه الأرقام تستهدف خُمس مواطني إسرائيل، التي لا تُلقي بالا لهذه الأرقام المخيفة الناجمة عن آلاف حوادث إطلاق النار، وهي أرقام لا يمكن تصورها، وكان من شأنها أن تهز أسس الدولة بأكملها، لو أنها وقعت بين اليهود، وليس الفلسطينيين.
وهكذا بات فلسطينيو48 يشعرون بالخوف من السير في شوارعهم، والأمهات يخشين إرسال أطفالهن للحضانة والعمل، ولا أحد يشعر بالأمان، في ظل العجز غير المسبوق من قبل دولة الاحتلال في أحسن الأحوال، وتواطؤها في أسوأ السيناريوهات المحتملة، التي تستنفر قدراتها الأمنية والعسكرية لمواجهة التهديدات الخارجية، لكنها تفشل، أو لا تريد أصلا، التصدّي للتهديدات الداخلية، وعلى رأسها الجريمة المنظمة، التي تجبي من فلسطينيي 48 أثماناً باهظة من أرواحهم.
اللافت أن تصاعد جرائم القتل المنظمة بين فلسطينيي 48، يتزامن مع دعوات الاحتلال لتهجير فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة خارج فلسطين المحتلة، الأمر الذي يمكن قياسه على بروز ظاهرة جديدة بين فلسطينيي 48 في السنوات الأخيرة نتيجة للجريمة المنظمة، وتتمثل بهجرة كفاءاتهم ورجال أعمالهم خارج الدولة، لأن الوضع الأمني والجنائي في بلداتهم لم يعد يطاق، بل إن بعضهم بات يتوجه للإقامة في المدن الإسرائيلية، والسكن بين اليهود، حيث سيطرة الشرطة أقوى، ومعدلات الجريمة أقلّ.
كل ذلك يعني إفراغ البلدات الفلسطينية من الفئات النوعية منها، ولا يتردد قادة فلسطينيي 48 بالاعتراف أن أهم نتيجة للجريمة المنظمة هي "الهجرة الطوعية" بين شبابهم، ممن يتركون الدولة بحثًا عن الأمان، ويهاجرون لدول اليونان، الإمارات، تركيا.
0 تعليق