أما الشاب الفقير فقليل العمل، سريع الملل، قد تطبع بالكسل، كثير الطلب، دائم العتب، يهتم بالمظهر، ويعرض عن الجوهر، يتنصل من المسؤولية، فغدت النتائج كارثية.

ومن الطبيعي أن يمر عليه اليوم، بل الأسبوع والشهر وربما العام، دون أن يحقق أي إنجاز يذكر.

يقضي ساعات طويلة فيما يضره ولا ينفعه، وقد توصله تلك العادات إلى العزلة والاكتئاب، وربما تسمعه يقول لوالده: أتيت بي إلى هذه الدنيا، إذن وفر لي كل ما أريد.

تجده معتمدا على والده اعتمادا كاملا، وإن بلغ من العمر ما بلغ، فهو المشكلة أو جزء منها.

يجهل ترتيب الأولويات، ويخسر الكثير من الأصول التي كان يملكها، مثل: الإرادة، الشغف، الشجاعة، التوازن، الوقت، الثقة بالنفس، مساعدة الآخرين، وتحليل البيانات، فحتى في شبابه وقوته، مصدر دخله الوحيد أعطوني. 

أما الشاب الغني، فتغمره السعادة والرضا بما يحققه من إنجازات، وهو مصدر فخر لمحبيه، مقدر في مجتمعه، وله أثر إيجابي في وطنه، كريم بعلمه، راقٍ بأخلاقه، تبتسم الوجوه إذا مر اسمه، وهو بعيد عن الإسراف، متصف بالتواضع، لقد فهم، منذ صغره من والديه أن الغنى هو غنى النفس.

 الشاب الغني تجده مجتهدا، مكافحا للملل، تراه متواصلا، مهتما بما ينفعه، يومه حافل بالعطاء والتعلم والعمل.

يضرب أروع المواقف في التعامل والتعاون، تنظر إلى حياته فترى يومه أفضل من أمسه، وتتنبأ أن مستقبله أفضل من حاضره بإذن الله.

وعلى أرض الواقع يطبق قول الشاعر:
ليس الفتى من يقول: كان أبي
إن الفتى من يقول: ها أنا ذا

ويؤمن أن الفقر ليس عيبا، وإنما العيب الاستسلام له.

وهذا الشاب  الغني لا يكلف والده ما لا يطيق، ولا يلومه أو يعاتبه على المستوى المادي الذي قد تعيشه أسرته، بل يسعى ويبحث عن أفضل الفرص لامتلاك المال الحلال.

يبهرك وهو يملك ثروة من العلاقات ويستثمرها، وتراه شغوفا بمجالسة أصحاب الخبرات، ولهذا اكتسب الكثير من المهارات، وهو معروف بأداء الحقوق والواجبات والعمل التطوعي.

فمع إشراقة كل يوم، ينطلق واثقا، تدفعه نفسه، عملا بهذا البيت:
اصنع لنفسك أمجادا تسر بها
لا تنتظر هذه الأشياء من أحد

ومسك الختام، قوله تعالى: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ فمن يسعى بجد لن يكون فقيرا بإذن الله؛ فإن الفقير هو الذي لا يملك إلا المال، والأغنياء أغنياء بأخلاقهم، وإنجازاتهم.