نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ابتكارات ديفيد ليو في «الحمض النووي» ترسم مستقبل الطب - بلد نيوز, اليوم الأحد 6 أبريل 2025 04:08 مساءً
مُنحت السبت جائزة تُعد بمثابة «أوسكار العلوم» لعالم الأحياء الجزيئية الأمريكي ديفيد ليو، لمساهمته الأساسية في التقدّم الكبير الذي يشهده مجال العلاج الجيني، إذ تتيح أبحاثه إعادة تشكيل الحمض النووي بدقة لم يسبق لها مثيل، مما يفتح الباب أمام تحوّل جذري للطب.
وحصل الأستاذ في معهد برود التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) وجامعة هارفارد في شمال شرق الولايات المتحدة، على جائزة «بريكثرو» العلمية لابتكاره تقنيتين، إحداهما حسنت بالفعل حياة المرضى الذين يعانون أمراضاً وراثية خطيرة، والأخرى تشكّل تطوراً كبيراً في مجال تحرير الجينوم.
وقال العالم البالغ 51 عاماً لوكالة فرانس برس قبيل الحفل الحادي عشر لتوزيع هذه الجوائز في لوس أنجلوس، إن «تحويل تسلسل مختار من الحمض النووي إلى تسلسل جديد من اختيارنا هو قدرة كبيرة».
ويعتزم ليو التبرع لجمعيته الخيرية بالقسم الأكبر من جائزة تبلغ قيمتها ثلاثة ملايين دولار سيحصل عليها من هذا الحدث المرموق الذي أطلقه رواد أعمال في سيليكون فالي في مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين لمكافأة الإنجازات في مجال البحوث الأساسية.
وأُعطي الباحث هذه الجائزة عن أبحاثه في مجال «التحرير الأساسي» و«التحرير الأولي» للجينوم، وهما تقنيتان لهما تطبيقات محتملة عدة في الطب وكذلك في الزراعة، على سبيل المثال لتطوير محاصيل بقيمة غذائية أعلى أو ذات قدرة أكبر على التحمّل.
يتكون الحمض النووي من أربعة أنواع من النيوكليوتيدات التي تشكل حروف الأبجدية الجينية هي «إيه» و«سي» و«تي» و«جي». وتشكّل التحوّرات في تركيباتها وتسلسلاتها السبب في الآلاف من الأمراض الجينية التي لم يكن سوى عدد محدود منها إلى اليوم قابلاً للعلاج عن طريق تحرير الجينوم.
وأثارت تقنية المقص الجزيئي «كريسبر-كاس9» الثورية التي حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2020، آمالاً كبيرة في هذا المجال. لكنّ لهذه التقنية حدودها، إذ إنها تقطع السلسلتين اللتين تشكلان البنية الحلزونية المزدوجة للحمض النووي، وهو ما يساهم في تعطيل الجينات بدلاً من تصحيحها، مع خطر إدخال أخطاء جديدة. إلا أن علاج الأمراض الوراثية يتطلب «في معظم الحالات، وسائل لتصحيح الأخطاء في تسلسل الحمض النووي، وليس مجرد تعطيل الجين المصاب بالخلل».
ودفعت هذه الملاحظة فريق ليو إلى العمل على «التحرير الأساسي». وتستخدم هذه التقنية نسخة معدلة من «كاس9» في إطار تقنية المقص الجزيئي. وهذه المرة، لم يعد البروتين يقطع سلسلتي الحمض النووي، بل لا يزال يستهدف تسلسلاً جينومياً محدداً، ويتم دمجه مع أنزيم قادر على تحويل نيوكليوتيد أو حرف إلى آخر.
وفيما تهدف معظم العلاجات الجينية التقليدية إلى تعطيل الجينات المسببة للأمراض، فإن «التحرير الأساسي» يمكن أن يصلح بشكل مباشر نحو ثلث التحورات المعنية. وتشكل هذه التقنية المبتكرة محور 14 تجربة سريرية على الأقل، أتاحت إحداها معالجة مرضى يعانون عوز ألفا-1 أنتيتريبسين، وهو مرض وراثي نادر يؤثر في الكبد والرئتين.
ومع أن تقنية «التحرير الأساسي» واعدة، فإنها لن تكون قادرة على علاج سوى نحو 30 في المئة من نحو 100 ألف متحورة تُسبب أمراضاً وراثية، فهي غير مفيدة مثلاً في حال وجود حرف مفقود أو إضافي ضمن تسلسل الحمض النووي.
وبهدف معالجة هذه العيوب، أعلن فريق ديفيد ليو عام 2019 عن تقنية «التحرير الأولي»، وهي طريقة قادرة على استبدال تسلسلات الحمض النووي بأكملها. وفي حين يمكن تشبيه تقنية «كريسبر-كاس9» بمقص للحمض النووي، و«التحرير الأساسي» بممحاة تتيح تصحيح حرف واحد في كل مرة، فإن «التحرير الأولي» أقرب إلى وظيفة «البحث والاستبدال» في معالج النصوص.
وأصبح إنشاء هذه الأداة الثورية ممكناً بفضل سلسلة من الاكتشافات التي وصفها فريق ليو بأنها «معجزات صغيرة». وأكّد العالِم أن هذه التقنية تشكل حتى الآن «الوسيلة ذات القدرات الأكثر تعدداً لتعديل الجينوم البشري». ويمكن استخدامها خصوصاً لعلاج التليف الكيسي، وهو مرض وراثي يؤدي إلى تدهور الجهاز التنفسي والجهاز الهضمي، ويحدث في أغلب الأحيان بسبب حذف ثلاثة نيوكليوتيدات.
0 تعليق