نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مدرسة أيرلندية لإنقاذ أسقف القش من الاندثار - بلد نيوز, اليوم الأحد 6 أبريل 2025 03:18 مساءً
توفر مدرسة جديدة في أيرلندا تدريبات لجيل حديث من عمال بناء الأسقف المصنوعة من القش، في محاولة لإنقاذ هذه الأسقف التي تختفي في البلاد، مع أنها تشكل إحدى الميزات الرئيسية للمشاهد الطبيعية الأيرلندية.
داخل قاعة في بورتنو، يتسلق طلاب مدرسة دونيغال للقش أسطح للتدريب تحت أنظار برايان لافيرتي، أحد آخر الأساتذة المتخصصين في البناء بالقش في أيرلندا. يقول الرجل البالغ 72 عاماً، وهو ينظر إلى الأعلى بينما كان أحد الطلاب يثبت دفعات من قش الكتان فوق منزل نموذجي بُني خصيصاً لهذا الغرض «هكذا بالضبط، ابدأ من هذا الجانب وأكمل عملك من هنا».
ويقول لافيرتي لوكالة «فرانس برس» إنّ «هذا التقليد على وشك الاندثار، ومن الضروري نقله إلى الأجيال الأصغر سناً».
ورث لافيرتي خبرته من والده، ونشأ في مقاطعة دونيجال، وهي منطقة إيرلندية تضم أكبر عدد من أكواخ القش المتبقية. ويقول «عندما أصعد إلى سطح، أستطيع سماع الموسيقى التي كانت تُعزف في الداخل خلال السنوات الماضية». ويأسف لأنّ الشباب لا يملكون «خبرته العميقة ليستفيدوا منها».
ويعتبر أنّ ذلك يُخفف من الألم الذي يولّده هدم منزل من القش وبناء آخر حديث بأسقف من الاردواز أو القرميد. ويقول دامعاً «يمكن أن يستغرق جمع الحجارة لبناء منزل من القش ثلاث سنوات، لكنّ هدمه يحتاج إلى عشر دقائق باستخدام آلة».
وتجلس فيدلما تولاند، وهي مبتدئة في التغطية بالقش، على سلّمٍ في منتصف سطح، وتبدي إصرارها على اعتماد الطريقة القديمة، وتستمع باهتمام لإرشادات لافيرتي. ولا تزال المزارعة البالغة 43 عاماً تعيش في منزل ذي سقف قشي حيث وُلد جدها ووالدتها. وتقول وهي تبتسم «أريد أن أتعلم كيفية صيانته».
افتُتحت المدرسة التي تقع على بُعد 260 كيلومتراً شمال غربي دبلن بالقرب من الساحل الغربي الخلاب لأيرلندا، في أكتوبر الماضي، وتُوفّر دورات مجانية في عطلات نهاية الأسبوع بتمويل حكوميٍ بشأن أنماط وأساليب مختلفة. وشهدت الأيام المفتوحة للجميع حضوراً كبيراً، بينما سجّل 20 مبتدئاً للتعلم حتى الآن، واجتاز بعضهم مسافات طويلة، بحسب كونال شوفلين، أحد المؤسسين. ويقول شوفلين لوكالة فرانس برس «هناك اندفاع جديد لهذا الجانب البارز من الثقافة الأيرلندية، فقد عاش معظم سكان الريف في منازل سقوفها من القش قبل 70 إلى 80 سنة».
ويتابع الرجل البالغ 74 عاماً والذي وُلد في كوخ سقفه من القش إن شغف والده بالقش انتقل إليه. ويضيف «كثافة القش تُبقي المنزل دافئاً في الشتاء وبارداً في الصيف، فهو عملي وجميل في آن واحد».
ويقول الرجل الذي يتمنى أن تُدرج دورات معتمدة مدتها 25 أسبوعاً ضمن المناهج الجامعية في مختلف أنحاء البلاد، إن إحياء حرفة مهددة بالاندثار «يشبه رعاية نبتة صغيرة». ويشير إلى أنّ هناك ما بين 300 و400 كوخ متبق في أنحاء أيرلندا بحاجة إلى أعمال إصلاح عاجلة.
ويُقدّر عدد عمال بناء القش المتفرغين المتبقين في البلاد بعشرة فقط، مع تقارير عن استقدام عمال بناء من بولندا للمساعدة.
وبيّنت عملية تدقيق حديثة عن انخفاض بنسبة 30% في أعداد المنازل ذات السقف القشي في دونيغال خلال العقد الماضي.
ويقول شوفلين «إنها تختفي، لكنها ليست منازل كبيرة وليس من الصعب إصلاحها»، مضيفاً أنه عندما كان صبيا، كان هناك 25 منزلاً سقوفها من القش على الطريق التي يسلكها للوصول إلى المدرسة. أما اليوم، فلم يتبقَّ سوى ثلاثة.
إلى جانب ندرة العمالة الماهرة، يُشكل نقص المواد الخام - القش والكتان والقصب المائي - عائقاً إضافياً. وكان القصب يُحصد سابقاً في أيرلندا، ولكنه يُستورد حالياً من دول مثل رومانيا وتركيا. ويُعدّ المادة الأكثر متانة، إذ يدوم نحو 20 عاماً، بينما يحتاج الكتان إلى الاستبدال بعد قرابة 10 أعوام، والقش بعد 5 سنوات. ويشير شوفلين إلى إنجلترا المجاورة حيث تنتشر أسقف القش أكثر من أيرلندا.
ويقول «لديهم شبكة ممتازة من عمال القش، بينما أهملناها نحن بشكل تام». ويؤكد ضرورة تحفيز المزارعين على زراعة ما يُسمى بالمحاصيل «التراثية» مثل الكتان، والتي يُمكن زراعتها أيضاً في الكليات الزراعية.
ويواكب إيفور كيلباتريك، الخبير في زراعة القش وأحد مزارعي الكتان القلائل في أيرلندا، الطلاب باستمرار في مشاريع تجديد. وتعلم كيلباتريك هذه المهارة من والده عندما كان في السادسة عشرة، وهو الآن يدير شركة تسقيف بالقش مع ابنه.
يقول الرجل البالغ 58 عاماً لوكالة فرانس برس وهو يُجهّز سقف منزل مخصص لقضاء العطلات على ضفاف المحيط الأطلسي «هناك عمل كثيف، لكن عدد مَن يستطيعون إنجازه قليل».
ويضيف وهو ينقل كميات جديدة من القش مع طالب من شاحنة إلى المنزل «نأمل أن يُدرك المزيد من الناس أن هذه رموز عزيزة على قلوب أيرلندا».
0 تعليق