ميونخ - أ ف ب
عندما تتجه أنظار عالم كرة القدم إلى ملعب «أليانتس أرينا» في ميونخ في أيار/مايو المقبل لحضور المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا، سيكون بايرن، صاحب الأرض، مجرد مُشاهد.
مُهِّد الطريق لخروج بايرن ميونخ من ربع النهائي على يد إنتر ميلان بخسارته على أرضه 1-2 ذهاباً، حيث لم يكن تعادله إياباً في ملعب «جوزيبي مياتسا» 2-2 كافياً لمواصلة حلمه بخوض النهائي على ملعبه في 31 أيار/مايو المقبل.
في حين أن بايرن تفوق على أبطال إيطاليا بفارق كبير، رغم أزمة الإصابات المُعيقة، إلا أن طريقة خروجه خالي الوفاض ستكون أكثر إثارة للقلق بالنسبة للعملاق الألماني.
لم يتمكن بايرن من استغلال سيطرته على الاستحواذ والفرص ضد إنتر، على الرغم من أن تسجيله ثلاثة أهداف في مباراتي الذهاب والإياب يُمثل أكثر من هدفين استقبلهما الفريق الإيطالي في 10 مباريات حتى الآن هذا الموسم من دوري أبطال أوروبا.
يعتبر بايرن، الفائز بدوري أبطال أوروبا ست مرات، أن المنافسة الأوروبية ملكه، لكنه خُذل بسبب سوء إدارة المواجهة في اللحظات الحاسمة في مباراتي الذهاب والإياب.
في ميونخ، كان بايرن لا يزال مفتوناً بهدف التعادل المتأخر الذي سجله مهاجمه المخضرم توماس مولر، قبل أن يسجل دافيدي فراتيزي هدف الفوز لإنتر في هجمة مرتدة بعد ثلاث دقائق.
في ميلانو، منح قائد لمنتخب الإنجليزي هاري كاين التقدم للنادي البافاري معادلاً نتيجتي الذهاب والإياب، لكن بايرن استقبل هدفين في ثلاث دقائق، مانحاً أصحاب الأرض التقدم.
على المدى القصير، سيتحسر بايرن على سوء حظه مع الإصابات وفرص التسجيل. لكن أسئلة أكبر تلوح في الأفق، وأبرزها سبب استمرار النادي في عدم تحقيق توقعاته في أوروبا.

نهائي الأرض

كان الخروج أمام إنتر هو الرابع لبايرن ميونخ من ربع النهائي في المواسم الخمسة الماضية، وهي نتيجة مخيبة لنادٍ يملك ميزانية تُنافس أفضل الفرق الأوروبية.
إن مجرد مشاهدة المباراة النهائية على أرضه سيكون أمراً مؤلماً. عُرفت هذه المباراة باللهجة البافارية المحلية باسم «نهائي الأرض»، ولم تكن مجرد حدث مدرج في الروزنامة فحسب، بل كانت استراتيجية بايرن لسنوات.
أراد بايرن الثأر لخسارته نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2012 أمام تشلسي الإنجليزي على الملعب ذاته، عندما أهدر الجناح الهولندي آريين روبن ركلة جزاء في الشوط الإضافي الأول (95) قبل أن يخسر الفريق الألماني 3-4 بركلات الترجيح بتعادلهما 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي.
وكان الإقالة المفاجئة ليوليان ناغلسمان وتعيين توماس توخل، الخبير في شؤون أوروبا، في آذار/مارس 2023 مُبرَّرة على خلفية التتويج في أيار/مايو 2025.
ووافق مجلس إدارة بايرن، المُقتصد تقليدياً، على قرار تحطيم رقمه القياسي في الانتقالات بإنفاق 100 مليون يورو (113 مليون دولار) على كاين، البالغ من العمر 30 عاماً، للسبب نفسه.
في الأسابيع الأخيرة، منح قرار النادي بعدم تمديد عقد مولر، الفائز معه بدوري أبطال أوروبا مرتين، على الرغم من الجدل المُثار حوله، بايرن دفعةً إضافيةً لإقامة حفل توديعٍ على أرضه لأسطورة النادي.

واقع مرّ

صرّح مدربه البلجيكي فانسان كومباني، بأنه لا يُمكن تقييم المباراة بشكل صحيح دون مراعاة إصابات بايرن.
غاب عن الفريق البافاري كل من المبدع جمال موسيالا، والقائد مانويل نوير، والظهير الأيسر الكندي ألفونسو ديفيس، وقلبي الدفاع الفرنسي دايو أوباميكانو والياباني هيروكي إيتو، بينما شارك المدافع الكوري الجنوبي كيم مين جاي رغم معاناته من التهاب في وتر أخيل.
مع ذلك، أقرّ كومباني بأن «الحقيقة المرة هي أننا لن نلعب نهائي دوري أبطال أوروبا على أرضنا».
وأضاف: «هذه هي الحقيقة المرة. لا يمكننا تغيير هذا، لا يمكننا قول أكثر من ذلك».
في حديثه خلال مأدبة عشاء بعد المباراة في ميلانو الأربعاء، وهو تقليدٌ لبايرن ميونخ في جميع مبارياته خارج أرضه في أوروبا، قال الرئيس التنفيذي يان كريستيان دريسن: «نشعر جميعاً بالحزن لعدم خوضنا النهائي على أرضنا. كانت لدينا أهداف كثيرة لهذا الموسم، لكن هذا كان أهمها».
وقال لاعب وسطه قائد «دي مانشافت» يوزوا كيميش: «كان النهائي على أرضنا سيعني الكثير... كان سيحدث فرقاً كبيراً».
وأضاف: «لقد تحطم هذا الحلم. إنه لأمر مرير جداً. سنشعر به عندما يقام النهائي على ملعبنا ونحن غائبون».
ردّ بايرن على خسارة نهائي نسخة 2012 أمام تشلسي بتتويجه بالنسخة التالية عام 2013 على حساب مواطنه بوروسيا دورتموند ونسخة 2020 على حساب باريس سان جرمان الفرنسي، حيثُ سجّل هذان التتويجان سلسلةً من أربع مشاركات في نصف النهائي خلال ستة مواسم.
لم يبحث كيميش، قائد بايرن المستقبلي، عن أعذار، قائلاً: «نحن بحاجة إلى تحسين أدائنا بشكل ملحوظ في المباريات الكبيرة، هجومياً ودفاعياً».
بينما يسير بايرن على الطريق الصحيح نحو لقب الدوري الألماني هذا الموسم والذي سيكون الأول لكاين في مسيرته الاحترافية، فإن ما سيفعله الفريق لاحقاً في أوروبا سيكون هو الأهم.