ألمانيا في مفترق طرق: بين أمجاد الماضي وتحديات المستقبل - بلد نيوز

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ألمانيا في مفترق طرق: بين أمجاد الماضي وتحديات المستقبل - بلد نيوز, اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 10:32 مساءً

تواجه ألمانيا اليوم تحديات اقتصادية متعددة، أبرزها تراجع التنافسية والابتكار مقارنة بدول أوروبية أخرى مثل هولندا وفرنسا. وعلى الرغم من ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.66 تريليونات دولار في عام 2024 مقارنة بـ4.53 تريليونات دولار في عام 2023، إلا أن الاقتصاد سجل انكماشا بنسبة -0.2%، مما أدخل البلاد رسميا في حالة ركود اقتصادي، كاشفا عن أزمات هيكلية عميقة في بنيته الأساسية.

الدكتورة جمانة صالحين، رئيسة مجموعة استراتيجية الاستثمار في أوروبا وكبيرة الاقتصاديين الأوروبيين في شركة "فانجارد" (Vanguard)، أوضحت أن الصناعة الألمانية تعتمد بشكل كبير على مدخلات الإنتاج من الصين، حيث يعتمد نحو 43% من القطاع الصناعي على مواد خام ومدخلات صينية. هذا الاعتماد الكبير يزيد من هشاشة الاقتصاد الألماني أمام الاضطرابات العالمية.

ومن جانب آخر، يشكل ارتفاع تكاليف الطاقة تحديا رئيسيا لألمانيا، لا سيما بعد وقف استيراد الطاقة من روسيا إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وفرض العقوبات الأوروبية على موسكو. هذا الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة أثر سلبا على تنافسية الصناعة الألمانية بشكل عام.

تواجه ألمانيا أيضا ضعفا في البيئة الابتكارية نتيجة قلة الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية خلال السنوات الماضية. فعلى سبيل المثال، لا تتجاوز نسبة تغطية شبكة الألياف البصرية 29.8%، مقارنة بمتوسط 64% في بقية دول أوروبا، بحسب بيانات المفوضية الأوروبية لنضج الخدمات الرقمية.

هذا التأخر دفع العديد من الشركات الناشئة الألمانية، خاصة في مجالات التقنيات العميقة (Deep-tech)، إلى نقل أعمالها إلى الولايات المتحدة، حيث أظهرت بيانات Hinterland of Things أن نحو 10% من هذه الشركات غادرت ألمانيا بحثا عن بيئات أكثر دعما وابتكارا.

تلعب الشركات الناشئة دورا حيويا في تعزيز النمو الاقتصادي والابتكار، خصوصا في مجالات الذكاء الاصطناعي، التقنية المالية، والتقنيات الناشئة. إلا أن ألمانيا تبدو متأخرة مقارنة بدول مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، هولندا، وفرنسا.

تاريخيا، ارتكبت ألمانيا في التسعينات خطأ استراتيجيا حين استثمرت بكثافة في مد الكابلات التلفزيونية، معتقدة أن المستقبل سيكون للبث الترفيهي والفيديو، بدلا من الاستثمار في تأسيس شبكة إنترنت قوية. هذا القرار الاستراتيجي أثر سلبا على مكانة ألمانيا الرقمية لعقود لاحقة، وأسهم في تأخرها في مجالات الابتكار التكنولوجي.

في المقابل، تقدم دول مثل المملكة العربية السعودية نموذجا ناجحا في دعم الابتكار من خلال تهيئة بيئة داعمة للشركات الناشئة، عبر برامج مثل "البرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات" و"الشركة السعودية للاستثمار الجريء" والصناديق الاستثمارية الخاصة والجريئة، وبالتي تساعد في خلق بيئة ابتكارية تساعد في نمو أعمال الشركات.

تجربة ألمانيا تقدم درسا مهما: أن النجاحات الاقتصادية السابقة قد تعمي الدول عن ملاحظة التحولات العالمية العميقة، مما يجعلها عرضة للتراجع إذا لم تستثمر في الابتكار والبنية التحتية المستقبلية بالوقت المناسب.

malmadhi2018@

0 تعليق