على غرار ما كشفه مسلسل "اللام شمسية" عن الظلال الداكنة التي قد تتستر خلف الواجهات البراقة، يستيقظ مجتمعنا اليوم على فاجعة تهز الثقة في أكثر الأماكن التي نأمنها على فلذات أكبادنا. فبينما تابعنا بشغف كيف تمزق الصمت في الدراما التلفزيونية ليكشف عن جريمة مروعة، يطل علينا الواقع بقصة أشد وطأة وأكثر إيلامًا. في مدينة دمنهور، تتحول مدرسة، صرح العلم والأمان، إلى مسرح لفعل مشين ضحيته طفل بريء. 

هذه ليست أحداث مسلسل، بل هي حقيقة مُرة تستدعي منا جميعًا وقفة جادة لمواجهة الظلام الذي قد يتخفى خلف أسوار الأمان، تمامًا كما كشفت "لام شمسية" عن خبايا النفوس. 

قصة "ياسين" اليوم تطالب بكشف الحقيقة كاملة ومحاسبة المسؤولين، لتشرق شمس العدل على هذه الفاجعة.

تفاصيل الواقعة

في محافظة البحيرة الهادئة، اهتزت أركان مدرسة خاصة على وقع جريمة بشعة هزت المجتمع وأثارت غضبًا واسعًا.
لم تكن مجرد شكوى عابرة، بل كانت فصولًا مؤلمة من واقع مرير، حيث كشفت التحقيقات عن فعل مشين ارتكبه موظف بحق طفل صغير داخل أسوار المدرسة، المكان الذي يفترض أن يكون آمنًا.
هذه القصة، التي تفجرت تفاصيلها عبر تحقيقات النيابة العامة وأصوات شجاعة كسرت حاجز الصمت، تطالب اليوم بتحقيق العدالة وإنصاف طفولة بريئة انتهكت.

تفاصيل التحقيقات تكشف المستور

كشفت التحقيقات في واقعة الفعل المشين الذي ارتكبه موظف مالي وإداري بمدرسة خاصة في دمنهور بالبحيرة بحق الطفل "ياسين" البالغ من العمر خمس سنوات عن تفاصيل صادمة.
بدأت الواقعة بملاحظة والدة الطفل علامات اضطراب عليه ورفضه دخول الحمام، ليتبين بعد الفحص الطبي تعرضه لاعتداء.

استمعت النيابة العامة إلى أقوال عدد من الشهود، من بينهم مدرسة اللغة الإنجليزية التي نقلت عن الطفل شكواه من "معلم" ارتكب فعلًا غير لائق بحقه في الحمام.
كما أدلت مشرفة الدور في الحضانة بأقوالها حول الإجراءات الأمنية بالمدرسة وسلوك الطفل قبل الواقعة، مؤكدة صعوبة دخول أي شخص غريب إلى قسم رياض الأطفال.

شكلت شهادة والدة الطفل محورًا هامًا في التحقيقات، حيث روت تفاصيل اكتشافها للأمر ومحاولات الصلح والتستر التي قوبلت بالرفض القاطع من الأسرة.
وقد تمكن الطفل من التعرف على المتهم، "صبري كامل جاب الله" (80 عامًا)، موظف الحسابات بالمدرسة، من خلال الصور التي عرضتها الأم عليه.

كشفت التحقيقات عن استغلال المتهم لصغر سن الضحية وقيامه بفعل مشين بحقه.
وبعد جمع الأدلة واستماع الشهود، قررت النيابة العامة إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات بتهمة ارتكاب فعل منافٍ للآداب بحق طفل.

ردود الفعل الرسمية والمجتمعية

من جانبها، أصدرت وزارة التربية والتعليم بيانًا أكدت فيه متابعتها الحثيثة للواقعة، وشددت على ضرورة تحري الدقة في نشر المعلومات، مؤكدة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في ضوء الحكم القضائي النهائي.
كما أعربت الوزارة عن أسفها لوقوع مثل هذه الحوادث المؤسفة داخل المؤسسات التعليمية.

وقد أثارت القضية غضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدر هاشتاج "#حق_ياسين_لازم_يرجع" الترند، مطالبًا بتحقيق العدالة الناجزة وحماية الأطفال في المؤسسات التعليمية وتوفير بيئة آمنة لهم.

المحاكمة المرتقبة

من المقرر أن تنظر محكمة جنايات دمنهور أولى جلسات محاكمة المتهم "صبري كامل جاب الله" في 30 أبريل 2025، وسط ترقب واسع من الأهالي والمجتمع لكشف الحقيقة كاملة وتحقيق القصاص العادل للطفل الضحية.

وتُعيد هذه الواقعة إلى الأذهان أهمية تضافر الجهود بين الأسرة والمدرسة والمجتمع لحماية الأطفال وضمان بيئة تعليمية آمنة لهم، بعيدًا عن أي شكل من أشكال الانتهاك أو الفعل المشين. 

كما تذكرنا بأحداث مسلسل "الأم الشمسية"، الذي تناول بالكامل قضايا التحرش بالأطفال، كاشفًا الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة التي تترتب على هذه الجرائم، ومؤكدًا على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لحماية الصغار ومنع تكرار مثل هذه الوقائع المؤلمة في الواقع.