شهدت الأيام الأخيرة تصاعدًا غير مسبوقًا في أزمة سلسلة محلات "بلبن"، إحدى أبرز العلامات التجارية في قطاع الحلويات ومنتجات الألبان بالمنطقة، وذلك بعد تسجيل حالات تسمم غذائي في السعودية ومصر، تبعتها قرارات غلق إداري لعدة فروع، إلى جانب جدل واسع بسبب إعلان دعائي اعتُبر مسيئًا.

انطلقت سلسلة فروع "بلبن" في مصر عام 2021، كعلامة متخصصة في تقديم منتجات الألبان والحلويات الشرقية بأسلوب معاصر، وتمكنت خلال وقت قياسي من الانتشار السريع داخل مصر، مع افتتاح عشرات الفروع في محافظات متعددة أبرزها القاهرة، الإسكندرية، والساحل الشمالي.

وبحلول عام 2024، توسعت السلسلة إلى خارج مصر، لتصل إلى نحو 300 فرع في 10 دول عربية، منها السعودية، الأردن، والكويت، وهو ما جعلها تُصنّف ضمن أسرع العلامات التجارية نموًا في قطاع الأغذية والحلويات في المنطقة.

لكن مع بداية 2025، بدأت السلسلة تواجه عاصفة من الأزمات التي ضربت سمعتها ووجودها في السوق.

تسمم في السعودية.. والإغلاق يبدأ

الأزمة الأولى بدأت في المملكة العربية السعودية، عندما تلقت وزارة الشؤون البلدية والإسكان بلاغات عن إصابات بتسمم غذائي بعد تناول منتجات من "بلبن". 

وعلى الفور، تم غلق الفروع والمصانع التابعة للسلسلة احترازيًا بالتعاون مع هيئة الغذاء والدواء، وبدأت التحقيقات، وسط تأكيدات بأن معظم الحالات تماثلت للشفاء.

3 حالات تسمم في الشيخ زايد

بعد أيام قليلة، تكررت الواقعة في مصر، حيث استقبل أحد المستشفيات في الشيخ زايد ثلاث حالات تعاني من آلام حادة في المعدة وقيء مستمر. وأكد المصابون في التحقيقات أنهم تناولوا حلويات من أحد فروع "بلبن". 

تم تحرير محضر بالواقعة، وفتحت النيابة العامة التحقيق، بينما بدأت وزارة الصحة سحب عينات من المنتجات لتحليلها.

إعلان كعك العيد يشعل أزمة قانونية وإعلامية

في خضم الأزمة الصحية، تصاعدت أزمة جديدة بعد أن نشرت "بلبن" إعلانًا بمناسبة عيد الفطر، ظهر فيه مؤسس "العبد للحلويات" في مشهد اعتُبر مسيئًا وساخرًا. 

شركة "العبد" قدمت شكوى رسمية للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذي بدوره قرر وقف الإعلان واستدعاء الممثل القانوني لـ"بلبن"، الذي أكد أن الإعلان لم يُعرض تلفزيونيًا بل عبر مواقع التواصل فقط، وتعهد بتعديله خلال 3 أيام.

12 فرعًا مغلقًا في الجيزة

توالت الضغوط على "بلبن" مع صدور قرار من محافظة الجيزة بغلق 12 فرعًا تابعًا للسلسلة، بينها فروع في العجوزة، إمبابة، فيصل، والشيخ زايد، بسبب فروع بلبنالعمل بدون تراخيص وعدم استيفاء الاشتراطات الصحية. 

القرار جاء استنادًا إلى تقارير من الشؤون الصحية وإدارة مراقبة الأغذية، وتم تكليف الأحياء المعنية بقطع المرافق عن الفروع المخالفة.

بيان رسمي من "بلبن":

 ما يحدث غير مفهوم

في أول رد فعل رسمي، أصدرت سلسلة "بلبن" بيانًا عبر صفحتها الرسمية، أكدت فيه أن قرارات الغلق لا علاقة لها بحالات التسمم، وأنها إجراءات إدارية بحتة.

وجاء في البيان:

"اللي بيحصل حوالينا الأيام دي مش مفهوم، فيه تركيز غير معتاد، وفيه موجة من الكلام والعناوين اللي بتؤدي لإساءة الفهم. إحنا مش فوق المحاسبة، وبنرحب بأي رقابة، لكن اللي نطلبه هو شوية عدل وشوية رحمة."

وأضافت السلسلة في بيانها أن "بلبن" تشغّل أكثر من 25 ألف موظف بشكل مباشر، وأن تصعيد الأزمة بهذا الشكل قد يؤثر على أرزاق عدد كبير من الأسر. وتابع البيان:
"ده مش بس مكان شغل.. ده مصدر رزق لعشرات الآلاف من الناس، واللي بيحصل ممكن يضرهم رغم إنهم مالهمش علاقة بأي خطأ حصل."

وختم البيان برسالة إلى وسائل الإعلام والجمهور:

"فـ بالله عليكم… اتقوا ربنا في الكلمة، وفي النقل، وفي التفسير، لأن قطع الأرزاق مش لعبة، ولا المفروض يكون تمنه إن حد يركب تريند أو يجمع تفاعل. إحنا بنغلط وبنصلح، لكن نحتاج مناخ عادل نقدر نشتغل ونخدم الناس فيه."

حتى هذه لحظة ، لا تزال التحقيقات مستمرة بشأن حالات التسمم، وسط مطالبات شعبية وتشريعية بتشديد الرقابة على سلاسل الأغذية الكبرى وبينما تصر "بلبن" على أن ما تتعرض له حملة غير مبررة، يرى آخرون أن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لتوسّع غير منضبط واستهانة بمعايير الصحة والسلامة.

وهكذا تحولت قصة النجاح التي بدأت قبل أربع سنوات، إلى سلسلة متصاعدة من التحقيقات، والإغلاقات، والاتهامات، ليبقى مستقبل "بلبن" معلقًا على نتائج التحقيقات وموقف الجهات الرقابية.