البروفيسور كارلوس دوارتي من كاوست يستعرض تجربته التي امتدت لعشر سنوات في المملكة - بلد نيوز

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البروفيسور كارلوس دوارتي من كاوست يستعرض تجربته التي امتدت لعشر سنوات في المملكة - بلد نيوز, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 12:48 مساءً

شهدت العقود القليلة الماضية جهودًا متضافرة من الأفراد والحكومات حول العالم لتتوجه نحو ممارسات صديقة للبيئة وأكثر استدامة، حيث تسعى الدول لبناء اقتصادات تخلق وظائف خضراء، والاستثمار في الابتكارات التي تنتج تقنيات خضراء، وبناء بنية تحتية توفر الطاقة النظيفة.

وبينما يثمّن البروفيسور كارلوس دوارتي، الأستاذ المتميز بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، هذه الجهود، إلا أنه يشعر بالقلق من أن التركيز على اللون "الأخضر" قد غيّب أهمية "الأزرق"، الذي يغطي أكثر من ثلثي سطح الأرض

في عام 2009، صاغ دوارتي مصطلح "الكربون الأزرق" لتسليط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه المحيطات في مواجهة تغير المناخ. وبعد عقود من الأبحاث التي رسخت مكانته كأحد أبرز علماء المحيطات في العالم، أصبح دوارتي صوتًا موثوقًا في هذا المجال، ويشغل الآن دور مستشار رئيسي لسياسات المحيطات على مستوى العالم، لا سيما فيما يتعلق بالبحر الأحمر.

وقد تُوجت مسيرته الحافلة بعدة جوائز دولية، كان آخرها جائزة اليابان، أرفع الجوائز العلمية في اليابان، ومن بين الأرفع عالميًا.

وصل دوارتي إلى كاوست في عام 2015، في وقت بالغ الأهمية. فقد كانت الجامعة في تلك الفترة تركز على بناء شراكات دولية لتعزيز سمعتها كمؤسسة بحثية رائدة عالميًا، إلا أن شبكة التعاون العلمي داخل المملكة كانت ما تزال محدودة.

يقول دوارتي "من الإنصاف وصف كاوست وقتئذ بأنها مؤسسة متقوقعة على ذاتها ولديها تعاون قوي في الخارج، ولكن مشاركاتها البحثية في المملكة كانت محدودة للغاية".

وسرعان ما أسس دوارتي فريقه البحثي في كاوست، ووطّد مكانته الأكاديمية لدى الجهات الحكومية السعودية، حتى أصبح مستشارًا للديوان الملكي في مشاريع بحرية كبرى في البحر الأحمر.

وأضاف "قدمت لي الحكومة السعودية مشروعين عملاقين بالقرب من البحر الأحمر، وطلبوا مني تقييم إمكانية تطوير هذه المناطق سياحيًا مع الحفاظ على النظم البيئية الحساسة والتنوع الحيوي فيها".

استجابةً لذلك، شجع دوارتي المملكة على تبني نهج صديق للبيئة في التنمية، يجعل من الكربون الأزرق ركيزة أساسية. حيث تركز استراتيجيات الكربون الأزرق على حماية واستعادة النظم البيئية الساحلية مثل أشجار المانغروف والبرك المالحة ومروج الأعشاب البحرية، والتي تسهم في امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه في الرواسب.

ويقدم مفهوم الكربون الأزرق رؤية جديدة لاقتصاد المحيطات، إذ اعتادت البشرية النظر إلى الكائنات البحرية من منظور قيمتها الاقتصادية عند صيدها وبيعها، لكن الكربون الأزرق يُبرز قيمة النظم البيئية البحرية كأصول يجب الحفاظ عليها وتعزيزها.

وبفضل رؤى دوارتي حول القيمة الحقيقية للمحيطات، اعتمدت المملكة على خبراته وزملائه في كاوست في جمع البيانات العلمية وتطوير تقنيات جديدة تدعم قراراتها في المشاريع البحرية التي تُعد حجر الأساس في مبادرة السعودية الخضراء، التي تهدف إلى تحوّل المملكة إلى اقتصاد مستدام والوصول إلى الحياد الصفري في الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2060.

وفي هذا السياق وصف معالي الدكتور فهد بن عبد الله تونسي، الأمين العام لمجلس أمناء كاوست، أبحاث البروفيسور كارلوس دوارتي الرائدة في مجال الكربون الأزرق بأنها "مساهمةً كبيرة في تعزيز فهمنا العالمي للنظم البيئية البحرية، كما تدعم تركيز المملكة على الابتكار المستدام. إن إسهاماته في مجابهة تغير المناخ وحماية المحيطات لا تُقدّر بثمن، وتعكس التميز الذي نسعى لتحقيقه في إطار رؤية السعودية 2030".

النظم البيئية للكربون الأزرق
عند بداية مسيرته البحثية، لم يكن هناك فهم كافٍ للنظم البيئية للكربون الأزرق، لكن اليوم وبفضل عقود من الأبحاث، نعلم أن هذه النظم مسؤولة عن 50% من القدرة التخزينية للكربون في المحيطات، رغم أنها تشغل 0.2% فقط من سطح المحيط.

علاوة على ذلك، فإن هذه النظم تمتص كميات من الكربون تفوق نظيراتها البرية مثل الغابات بما يتراوح بين خمسة إلى عشرة أضعاف، وتخزنه لفترات أطول.

وقال دوارتي "نظرًا لأن هذه النظم تمتلك تربة لاهوائية، ولا تتعرض لحرائق الغابات، فإنها تحتفظ بالكربون لمئات أو حتى آلاف السنين، بينما تخزن الغابات الكربون لعقود أو قرون معدودة. لذا فإن استعادة هذه النظم الساحلية والحفاظ عليها له دور كبير في تحقيق الحياد الكربوني".

ويُعد البحث المطلوب لقياس هذا التأثير معقدًا، إذ إن دراسة النظم البيئية البحرية والساحلية أصعب بكثير من نظيراتها البرية، بسبب محدودية فعالية الأقمار الصناعية تحت الماء وصعوبة التنقل في البيئة البحرية.

ورغم فقدان 35% من أشجار المانغروف خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، تكشف التقنيات المتقدمة والتجارب المبتكرة عن نظم بيئية مجهولة.

ومؤخرًا، عبر تثبيت أجهزة استشعار على السلاحف البحرية لتتبع أنماط تغذيتها، اكتشف دوارتي وفريقه البحثي مروج أعشاب بحرية جديدة زادت مساحة الأعشاب البحرية المعروفة في البحر الأحمر بنسبة 10%. كما قاد في مطلع هذا العام أول بعثة علمية سعودية إلى القارة القطبية الجنوبية لاستكشاف دور الحيتان في حجز الكربون والمساهمة في التخفيف من تغير المناخ.

وقال "لا شك في أن النظم البيئية للكربون الأزرق تتعرض لضغوط بشرية تؤدي إلى تدهورها، ولكن لصياغة سياسات فعالة، نحتاج إلى بيانات دقيقة، والحقيقة أن دراسة المحيطات أكثر صعوبة بكثير من دراسة اليابسة".

رحلة غير متوقعة
وبينما يتأمل في مكانته اليوم كأحد أبرز المفكرين في علم البيئة البحرية وحمايتها، لا يتردد دوارتي في الاعتراف بأنه لم يكن نابغة في صغره، ولم يكن النجاح العلمي أمرًا محتومًا له. فقد وُلد في البرتغال لأسرة متواضعة انتقلت إلى إسبانيا المجاورة، حيث تعلم لغته الثانية، وأكمل تعليمه الجامعي.

درس دوارتي علم المياه العذبة خلال دراسته للدكتوراه في كندا، إلا أنه مع نهاية دراسته، قرر أن يُوسّع آفاقه بمقارنة ملاحظاته حول الأنهار والبحيرات بأنماط المياه عمومًا. ومن المفارقة أن النباتات التي درسها كانت أسلافًا للأعشاب البحرية.

وقال "الأعشاب البحرية توجد عند مصبّات الأنهار والبحيرات، لذا كان من الطبيعي أن أتبع مجرى المياه"، في إشارة إلى انتقاله لدراسة النباتات البحرية في المحيطات، وهو ما وضعه على طريق التميز الذي يعيشه اليوم.

السعودية غيّرتني للأفضل
تُعد جائزة اليابان دليلًا آخر على الأثر الإيجابي الذي أحدثه دوارتي في السعودية، لكن الأثر كان متبادلاً. فقد وُلد أول حفيد له في مدينة جدة، واتخذ لنفسه في عام 2024 اسمًا عربيًا هو خالد الأندلسي، إشارةً إلى الأندلس التي تمثل شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا والبرتغال).

كما يعتز دوارتي بكون كاوست تحتضن قادة المستقبل في المملكة، ومنهم طالبة الدكتوراه حنان المهاشير، أول سعودية تحصل على دكتوراه في علوم البحار من مؤسسة سعودية. وقد حظي دوارتي بشرف منحها العباءة الأكاديمية في حفل تخرجها، إيذانًا بإتمامها البرنامج.

وقال "لقد شهدت المستحيل يتحقق، وشهدت تحولاً عميقًا لأمة يقودها بحكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبقيادة ملهمة ورؤية استثنائية من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي ألهم بذكائه وحنكته وطاقته الفذة جيلاً كاملاً وأسس لهم عالمًا جديدًا مليء بالفرص".

خلال مسيرته في كاوست

  • نشر أكثر من 500 مقالة علمية (مرجع: KAUST repository).
  • صُنِّف ضمن الباحثين الأعلى استشهادًا على مستوى العالم (مؤشر كلاريفيت) على مدى 8 أعوام.
  • عُيّن مديرًا تنفيذيًا للمنصة العالمية لتسريع البحث والتطوير للشعاب المرجانية "كورداب" التي أطلقتها مجموعة العشرين في 2020.
  • قاد أول بعثة علمية سعودية إلى القارة القطبية الجنوبية.
  • قدّم استشارات علمية للعديد من المشاريع العملاقة والمسؤولين الحكوميين في قضايا المناخ وحماية المحيطات.

أخبار ذات صلة

0 تعليق