نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صناعة الأدوية تحت نيران الحرب التجارية.. أين نقف اليوم في المملكة - بلد نيوز, اليوم الأربعاء 16 أبريل 2025 09:12 مساءً
لم يتوانَ ترامب عن إشهار سيفه عاليا مشعلا بذلك حربا جمركية، حيث فرض رسوما على غالبية دول العالم، حيث تجاوز بعضها حاجز 100% بحسب الدولة والمنتج، وبالطبع لم تمر هذه المعركة الاقتصادية دون ردود فعل؛ إذ بادرت الدول الأخرى وعلى رأسها الصين بفرض رسوم مضادة، الأمر أدى إلى اختلال السياسات التجارية واضطراب الشركات الصناعية معلنة بذلك إعادة رسم ملامح التجارة العالمية.
وفي خضم هذه الحرب كان الاعتقاد السائد لدى الجميع أن الأدوية ستكون بمنأى عن نيران الرسوم، وذلك نظرا لأهميتها الحيوية ودورها المحوري في إنقاذ الأرواح وتحسين جودة الحياة، إلا أن رياح الأحداث جرت بما لا تشتهي السفن...! فبحسب تقرير نشرته شبكة CNN في 9 أبريل 2025 هدد ترامب صراحة بفرض رسوم جمركية جديدة على الشركات الدوائية بدعوى حماية الصناعة الوطنية وتعزيز الأمن الدوائي للولايات المتحدة.
وبشكل عام يجب أن نعي أن القطاع الدوائي من أشد القطاعات حساسية وعرضة للتأثر بالتغيرات في السياسات التجارية، ففي سبعينات القرن الماضي أثارت سياسات تسعير الأدوية وحماية براءات الاختراع خلافات تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا، مما أدى إلى مفاوضات شاقة بين الطرفين لتضمين حماية الملكية الفكرية ضمن اتفاقيات التجارة الدولية. ورغم أن الأدوية كانت تستثنى غالبا من النزاعات الجمركية التقليدية، إلا أن تطور سلاسل الإمداد العالمية وتزايد الاعتماد على الاستيراد جعل هذا القطاع أكثر تعرضا للتأثر بالتقلبات السياسية والاقتصادية.
اضافة إلى ما سبق؛ فإن صناعة الدواء عالميا تعتبر من أكثر الصناعات تعقيدا، حيث تقوم الشركات الدوائية باستيراد المواد الفعالة وغير الفعالة للأدوية من مصادر مختلفة حول العالم، كما أن تصنيع المنتج النهائي للدواء قد يُجرى عبر أكثر من مرحلة في عدة دول قبل شحن الدواء ووصوله للمريض. الجدير بالذكر أن الصين تتصدر قائمة الدول المصدرة للمواد الفعالة، مما يجعل سلاسل الإمدادات والتوريد عرضة للتأثر جراء أي تغير في السياسات التجارية.
ولذا فإن فرض أي رسوم جمركية على الأدوية أو مكوناتها قد يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعارها، مما قد يرفع من تكاليف الرعاية الصحية، إضافة إلى أن ذلك ستكون الشركات الدوائية مضطرة إلى تغيير مصادرها وتنويعها إلى جانب تعزيز مرونة سلاسل إمدادها، وهي مهمة مكلفة ومعقدة في قطاع بالغ الحساسية.
أما في المملكة العربية السعودية فقد أدركت الجهات المعنية مبكرا أهمية تعزيز الأمن الدوائي الوطني. وضمن إطار رؤية السعودية 2030، أطلقت عدة جهات حكومية مبادرات استراتيجية بهدف توطين صناعة الأدوية وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في هذا القطاع الحيوي، وتشمل هذه المبادرات تقديم حوافز مالية وتسهيلات تنظيمية وإنشاء بنية تحتية متكاملة تدعم البحث والتطوير.
ولا تهدف هذه الجهود إلى تقليل الاعتماد على الواردات فحسب، بل تسعى كذلك إلى ضمان استدامة الإمدادات الدوائية ومواجهة التحديات العالمية المستقبلية في مجال الأمن الدوائي، مما يعزز السيادة الوطنية في هذا القطاع الحيوي.
0 تعليق